له : أين تريد يا خليفة رسول الله؟ قال : السوق. قالا : تصنع ما ذا وقد وليت أمر المسلمين؟ قال : فمن أين أطعم عيالي؟ قالا له : انطلق حتى نفرض لك شيئاً. فانطلق معهما ففرضوا له كلّ يوم شطر شاة وماكسوه في الرأس والبطن.
وروى من طريق عمير بن إسحاق : إنّ رجلاً رأى على عنق أبي بكر الصدّيق عباءة فقال : ما هذا؟ هاتها أكفيكها. فقال : إليك عنّي لا تغرّني أنت وابن الخطّاب من عيالي.
وفي لفظ آخر لابن سعد أيضاً : إنّ أبا بكر لمّا استخلف راح إلى السوق يحمل أبراداً له وقال : لا تغرّوني من عيالي.
وفي لفظ الحلبي : لمّا بويع أبو بكر بالخلافة أصبح رضى الله عنه على ساعده قماش وهو ذاهب إلى السوق ، فقال له عمر : أين تريد؟ إلى آخره (١).
ثمّ متى كان إنفاقه لثروته الطائلة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي مناجحه ومصالحه ، حتى كان به أمنّ الناس عليه بماله؟ وكيف أنفق ولم يره أحدّ ولا رواه أيّ ابن أُنثى؟ ولِمَ لم يذكر التاريخ مورداً من موارد نفقاته؟ وقد حفظ له تقديم راحلة واحدة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع ردّه إيّاها وأخذه ثمنها ، كما حفظ لكلّ من أنفق شيئاً في مهمّات الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وغزواته ومصالح الإسلام والمسلمين.
ولم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحتاجه في شخصيّاته وما يتعلّق بها بمكة قبل الهجرة ، فإنّ عمّه أبا طالب سلام الله عليه كان متكفّلاً لذلك كلّه قبل زواجه بخديجة ، وبعده كان مال خديجة تحت يده وهي في طوعه ، وإنّما وقعت الحاجة بعد الهجرة لتوسّع نطاق الإسلام ، وتمطّط أمره فكان يحتاج إلى تجهيز الجيوش وقيادة العساكر ، وهؤلاء
__________________
(١) راجع طبقات ابن سعد طبع ليدن : ٣ / ١٣٠ ، ١٣١ [٣ / ١٨٤ ، ١٨٥] ، صفة الصفوة لابن الجوزي : ١ / ٩٧ [١ / ٢٥٧] ، السيرة الحلبية : ٢ / ٣٨٨ [٣ / ٣٥٩]. (المؤلف)