رجال بني سالم بن عوف ، ورجال بني بياضة ، ورجال بني ساعدة وفي مقدّمهم سعد ابن عبادة ، ورجال بني الحرث بن الخزرج ، ورجال بني عديّ أخوال رسول الله الأكرمين ، كلّ منهم رفع عقيرته يوم دخوله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة بقوله : هلمّ إلينا إلى العَدد والعُدّة والمنعة (١)
ولم يكن عند أبي بكر يومئذٍ من المال غير ما جاء به من مكّة أربعة أو خمسة أو ستّة آلاف درهم ـ إن كان جاء به وأنّى لك بإثباته؟ ـ وما عساها أن تجدي نفعاً لو أنفقها كلّها؟ وما هي وما قيمتها تجاه ذلك السلطان العظيم؟ لكنّا مع غضّ النظر عن ذلك نسائل أيضاً مدّعي الإنفاق أنّه متى أنفقها؟ وفي أيّ مصرف أدرّها؟ وفي أيّ أمر بذلها؟ ولأيّ حاجة سمح بها؟ ولِمَ خفي ذلك على خلق الله من أولئك الصحابة؟ ولما ذا عزب عن المؤرّخين؟ فلم يسطروها في صحائف التاريخ ولا ذكروها في فضائل الخليفة ، وهل قام عمود الإسلام وتمّ أمره بهذه الدريهمات المجهول مصرفها؟ وعاد أبو بكر أمنّ الناس على رسول الله بماله؟
والعجب كلّ العجب أنّ أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام كانت له أربعة دراهم فتصدّق بدرهم ليلاً ، وبدرهم نهاراً ، وبدرهم سرّا ، وبدرهم جهراً ، فأنزل الله فيه القرآن فقال : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢) سورة البقرة (٢٧٤).
__________________
(١) أسلفنا حديثه في الجزء السابع : ص ٢٦٩. (المؤلف)
(٢) أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني [في المعجم الكبير : ١١ / ٨٠ ح ١١١٦٤] وابن عساكر [ترجمة الإمام علي بن أبي طالب : رقم ٩١٨ ، ٩١٩ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٨ / ٩] وابن جرير. راجع تفسير القرطبي : ٣ / ٣٤٧ [٣ / ٢٢٥] ، تفسير البيضاوي : ١ / ١٨٥ [١ / ١٤١] ، تفسير الزمخشري : ١ / ٢٨٦ [١ / ٣١٩] ، تفسير الرازي : ٢ / ٣٦٩ [٧ / ٨٣] ، تفسير ابن كثير : ١ / ٣٢٦ ، تفسير الدرّ المنثور : ١ / ٣٦٣ [٢ / ١٠٠ ـ ١٠١] ، تفسير الخازن : ١ / ٢٠٨ [١ / ٢٠١] ، تفسير الشوكاني : ١ / ٢٦٥ [١ / ٢٩٤] ، تفسير الآلوسي : ٣ / ٤٨. (المؤلف)