وهو سلام الله عليه تصدّق بخاتمه للسائل فذكره تعالى في كتابه العزيز بقوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١) سورة المائدة (٥٥).
وأطعم هو وأهله مسكيناً ويتيماً وأسيراً فأنزل الله فيهم قوله (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) سورة هل أتى. وقد أسلفنا تفصيل أمرهم هذا في الجزء الثالث (ص ١٠٦ ـ ١١١).
وأمّا أبو بكر فينفق جميع ماله في سبيل الله ويراه النبيّ الأعظم أمنّ الناس عليه في صحبته وماله ، ولم يوجد له مع ذلك كلّه ذكر في الكتاب العزيز ، هذا لما ذا؟ أنت تدري.
والأعجب : أنّ أبا بكر غدا أمنّ الناس على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بإنفاق أربعة أو خمسة أو ستّة آلاف درهماً ـ إن كانت له ـ ولم يكن عثمان كذلك وقد أنفق أضعاف ما أنفقه أبو بكر ، وبعث إلى رسول الله في غزوة بعشرة آلاف دينار كما جاء في مكذوبة أبي يعلى (٢) فوضعها بين يديه فجعل صلىاللهعليهوآلهوسلم يقلّبها ويدعو له بقوله : غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما أخفيت وما هو كائن إلى يوم القيامة (٣) ، ما يبالي عثمان ما فعل بعدها!
وإنّي أرى الأنجح للمدّعي أن يسحب كلامه ويقول : لا أعلم بشيء من ذلك ولا أُثبت شيئاً منه ، وإنّما اختلقه الغلوّ في الفضائل.
ولعلّ الباحث يقف على ما أخرجه الحافظان الحاكم وأبو نعيم ، أو على ما جاء
__________________
(١) راجع ما مرّ في ٢ / ٤٧ و ٣ / ١٥٥ ـ ١٦٣. (المؤلف)
(٢) أخرجه بإسناد واهٍ وذكره ابن كثير في تاريخه : ٧ / ٢١٢ [٧ / ٢٣٨ حوادث سنة ٣٥ ه]. (المؤلف)
(٣) هذه الجملة توهن متن الرواية ، وتعرب عن أنّها مكذوبة على رسول الله. (المؤلف)