وتعقّب السيوطي (١) هذه المرسلة بقوله : خبر أنّ الآية نزلت فيه لم أقف عليه. وكأنّ من ادّعى ذلك فهمه ممّا أخرجه ابن المنذر عن ابن إسحاق قال : لمّا قُبض أبو بكر رضي الله تعالى عنه واستخلف عمر خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثمّ قال : أيّها الناس إنّ بعض الطمع فقر ، وإنّ بعض اليأس غنى ، وإنّكم تجمعون مالا تأكلون ، وتؤمّلون ما لا تدركون ، واعلموا أنّ بعضاً من الشحّ شعبة من النفاق ، فأنفقوا خيراً لأنفسكم ، فأين أصحاب هذه الآية؟ وقرأ الآية الكريمة ، وأنت تعلم أنّها لا دلالة فيها على المدّعى (٢). انتهى.
وجاء مختلق آخر (٣) فروى عن سعيد بن المسيّب مرسلاً من الطرفين أنّ الآية المذكورة نزلت في عثمان بن عفّان وعبد الرحمن بن عوف في نفقتهم في جيش العسرة يوم غزوة تبوك.
وذكره الرازي في تفسيره (٤) (٢ / ٣٤٧) فقال : إنّ التي نزلت في عثمان لإنفاقه جيش العسرة هي قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) الآية.
وقد أعمى الحبّ بصائر القوم ، فحرّفوا الكلم عن مواضعه ، وقالوا في كتاب الله ما زيّن لهم الشيطان ، خفي على المغفّلين أنّ الآيتين من سورة البقرة آية (٢٦٢ و ٢٧٤) ، وهي أوّل سورة نزلت بالمدينة المشرّفة كما قاله المفسّرون (٥) ، وقد نزلت قبل
__________________
(١) الدرّ المنثور : ٢ / ١٠١.
(٢) راجع تفسير الآلوسي : ٣ / ٤٨. (المؤلف)
(٣) راجع تفسير الشوكاني : ١ / ٢٦٥ [١ / ٢٩٤] ، تفسير الآلوسي : ٣ / ٤٨. (المؤلف)
(٤) التفسير الكبير : ٧ / ٤٥.
(٥) راجع تفسير القرطبي : ١ / ١٣٢ [١ / ١٠٧] ، تفسير الخازن : ١ / ١٩ ، تفسير الشوكاني : ١ / ١٦ [١ / ٢٧]. (المؤلف)