ولا المسيء.
وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء عن نبيِّ الإسلام في تلكم البوائق الموبقة التي كان معاوية قد اقترفها وشوّه بها صحيفة تاريخه.
فماذا الذي خصَّ معاوية برسالة الأسد إليه خاصّة في كنيسة يوحنّا بعد رسالة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الخاتمة ، بعد تلكم الأنباء الصادقة الواردة في الكتاب العزيز والسنّة النبوية الشريفة ، بعد تلكم البشائر السارّة الجمّة العامّة لأهل الصلاح والفلاح ؟
٢٧ ـ أخرج أحمد (١) ومسلم والحاكم وغيرهم من طريق ابن عبّاس ، قال : كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد جاء فقلت : ما جاء إلَّا إليَّ ، فاختبأت على باب فجاءني فخطاني خطاة أو خطاتين (٢) ثم قال : « اذهب فادعُ لي معاوية » ، قال : فذهبت فدعوته له فقيل : إنَّه يأكل ، فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : إنَّه يأكل ، فقال : « إذهب فادعه » ، فأتيته الثانية فقيل : إنّه يأكل فأخبرته ، فقال في الثالثة : « لا أشبع الله بطنه » قال : فما شبع بعدها (٣).
هذا الحديث ذكره ابن كثير في عدّ مناقب معاوية فقال : قد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه ، أمّا في دنياه فإنّه لمّا صار إلى الشام أميراً ، كان يأكل في اليوم سبع مرّات يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها ، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم ، ومن الحلوى والفاكهة شيئاً كثيراً ويقول : والله ما أشبع وإنّما أعيا ، وهذه نعمةٌ ومعدةٌ يرغب فيها كلُّ الملوك.
وأمّا في الآخرة فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري (٤)
___________________________________
(١) مسند أحمد : ١ / ٥٥١ رقم ٣٠٩٤.
(٢) في صحيح مسلم ومسند أحمد : فحطاني حطأة ، والحطأ هو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين.
(٣) صحيح مسلم : ٨ / ٢٧ [ ٥ / ١٧٢ ح ٩٦ ـ ٩٧ كتاب البر والصلة والآداب ] ، تاريخ ابن كثير ٨ / ١١٩ [ ٨ / ١٢٧ ـ ١٢٨ حوادث سنة ٦٠ هـ ]. ( المؤلف )
(٤) صحيح البخاري : ٥ / ٢٣٣٩ ح ٦٠٠٠.