معاوية كما جاء فيما رواه ابن كثير في تاريخه (١) ( ٨ / ٥٤ ) من أنَّ عبد الرحمن بن الحارث قال لمعاوية : أقتلتَ حُجر بن الأدبر ؟ فقال معاوية : قتله أحبُّ إليَّ من أن أقتل معه مائة ألف.
نعم ؛ نحن لا ندري ، لكن فقه معاوية وشهواته يستسيغان ذلك ، فلا يصيخ إلى نُصح أيِّ ناصح ، فإنَّه لمّا استشار أصحابه في أمر حُجر وهو في سجن عذراء قال له عبد الله بن زيد بن أسد البجلي : يا أمير المؤمنين أنت راعينا ونحن رعيّتك ، وأنت ركننا ونحن عمادك ، إن عاقبت قلنا : أصبت. وإن عفوت قلنا : أحسنت. والعفو أقرب للتقوى ، وكلّ راع مسؤولٌ عن رعيّته (٢).
وما ذنب حُجر وأصحابه الصلحاء ومن شاكلهم من أهل الصلاح وحملة الإسلام الصحيح إذ عبسوا على إمارة السفهاء ؟ إمارة الوزغ ابن الوزغ ، إلى أزنى ثقيف مغيرة ، إلى طليق استه بُسر بن أرطاة ، إلى ابن أبيه زياد ، إلى خليفتهم الغاشم ابن هند. وحُجر وأصحابه هم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأخبتوا إلى ما جاء به نبيُّ الإسلام ، وقد صحّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لجابر بن عبد الله : « أعاذك الله من إمارة السفهاء ». قال : وما إمارة السفهاء ؟ قال : « أُمراء يكونون بعدي لا يقتدون بهديي ، ولا يستنّون بسنّتي ، فمن صدّقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم فأُولئك ليسوا منّي ولست منهم ، ولا يردوا عليَّ حوضي ، ومن لم يصدّقهم بكذبهم ، ولم يعنهم على ظلمهم فأُولئك منّي وأنا منهم ، وسيردوا عليَّ حوضي » (٣).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ هلاك أُمّتي ـ أو فساد أُمّتي ـ رؤوس أُمراء أُغيلمة سفهاء من قريش » (٤).
___________________________________
(١) البداية والنهاية : ٨ / ٥٩ حوادث سنة ٥١ هـ.
(٢) مستدرك الحاكم : ٣ / ٤٦٩ [ ٣ / ٥٣٢ ح ١٥٧٥ ]. ( المؤلف )
(٣) مسند أحمد : ٣ / ٣٢١ [ ٤ / ٢٦٥ ح ١٤٠٣٢ ]. ( المؤلف )
(٤) مسند أحمد : ٢ / ٢٩٩ ، ٣٠٤ ، ٣٢٨ ، ٥٢٠ [ ٢ / ٥٧٨ ح ٧٩١٤ ، ٥٨٧ح ٧٩٧٣ ، ٦٢٨ح ٨١٤٧ ، و ٣ / ٣٢٧ ح ١٠٣٥٩ ]. ( المؤلف )