وعن كعب بن عجرة مرفوعاً : « سيكون أُمراء يكذبون ويظلمون ، فمن صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم ، فليس منّي ولا أنا منه ، ولا يرد عليَّ الحوض يوم القيامة ، ومن لم يصدّقهم بكذبهم ، ولم يعنهم على ظلمهم فهو منّي وأنا منه ، وهو واردٌ عليَّ الحوض يوم القيامة » (١).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ستكون عليكم أُمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة حتى يؤخِّروها عن وقتها ، فصلّوها لوقتها » (٢). وابن سميّة من أولئك الأمراء الذين أخّروا الصلاة وأنكره عليه ذلك حُجر بن عدي ، كما مرّ حديثه في الجزء التاسع ( ص ١١٩ ).
ولم يكن لمعاوية عذرٌ في قتل أُولئك الصفوة إلّا التشبّث بالتافهات ، فكان يتلوّن في الجواب بمثل قوله : إنِّي رأيت في قتلهم صلاحاً للأُمّة وفي مقامهم فساداً للأُمّة ، وقوله : إنّي وجدت قتل رجل في صلاح الناس خيراً من استحيائه في فسادهم (٣). وهل صلاح الناس في الالتزام بلعن عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام والبراءة منه والتحامل على شيعته ، وفسادهم في تركها أو النهي عنها ؟ أنظر لعلّك تجد له وجهاً في غير شريعة الإسلام.
وبمثل قوله : لست أنا قتلتهم إنّما قتلهم من شهد عليهم (٤). ولقد عرفت حال تلك الشهادة المزوّرة ، أو أنّها من قوم لا خلاق لهم ، وكان معاوية أعرف بها وبهم ، ومع ذلك استباح دماء القوم ، وتترّس بقيله عن مراشق العتاب ، والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره.
وبمثل قوله : فما أصنع كتب إليَّ فيهم زياد يشدّد أمرهم ويذكر أنّهم سيفتقون
___________________________________
(١) مسند أحمد : ٤ / ٢٤٣ [ ٥ / ٢٩٣ ح ١٧٦٦٠ ] ، تاريخ الخطيب : ٥ / ٣٦٢ [ رقم ٢٨٨٦ ]. ( المؤلف )
(٢) مسند أحمد : ٥ / ٣١٥[ ٦ / ٤٢٩ ح ٢٢١٧٨ ] ، تاريخ الخطيب : ١٣ / ١٨٥[ رقم ٧١٦٢ ]. ( المؤلف )
(٣) تاريخ ابن كثير : ٨ / ٥٥ [ ٨ / ٦٠ حوادث سنة ٥١ هـ ]. ( المؤلف )
(٤) تاريخ الطبري : ٦ / ١٥٦ [ ٥ / ٢٧٩ حوادث سنة ٥١ هـ ] ، الاستيعاب : ١ / ١٣٥ [ القسم الأول / ٣٣١ رقم ٤٨٧ ]. ( المؤلف )