عليَّ فتقاً لا يرقع (١). وقوله : حمّلني ابن سميّة فاحتملت (٢). قبّح الله الصلف والوقاحة أكان زياد عاملاً له أو هو عامل لزياد حتى يحتمل الموبقات بإشارته ؟ وهل يُهدر دماء الصالحين ـ وبذلك عرفهم المجتمع الديني ـ بقول فاسق مستهتر ؟! والله يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) (٣) لكن معاوية بعد أن استلحق زياداً بأبي سفيان راقه أن لا ينحرف عن مرضاته وفيها شفاء غلّته وإن زحزحته عن زمرة أُناس خوطبوا بالآية الشريفة.
وبمثل قوله لعائشة لمّا عاتبته على قتله حُجراً وأصحابه : فدعيني وحُجراً نلتقي عند ربّنا عزَّ وجلَّ. وقوله لها حين قالت له : أين عزب عنه حلم أبي سفيان في حُجر وأصحابه ؟ : حين غاب عنّي مثلكِ من حلماء قومي (٤). إن هو إلّا الهزء بالله وبلقائه ، أو لم يكف من آمن بالله واليوم الآخر نصح القرآن وحده وشرعة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم معه في حرمة دماء المؤمنين الأبرياء ؟ هل يسع معاوية أو يغنيه يوم لقاء الله التمسّك بالترّهات تجاه قوله تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) (٥) ، وقوله تعالى ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ... * وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) (٦) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ
___________________________________
(١) الاستيعاب : ١ / ١٣٤ [ القسم الأول / ٣٣٠ رقم ٤٨٧ ] ، أُسد الغابة : ١ / ٣٨٦ [ ١ / ٤٦٢ رقم ١٠٩٣ ]. ( المؤلف )
(٢) الأغاني : ١٦ / ١١ [ ١٧ / ١٥٨ ] ، تاريخ الطبري : ٦ / ١٥٦ [ ٥ / ٢٧٩ حوادث سنة ٥١ هـ ] ، كامل ابن الاثير : ٤ / ٢٠٩ [ ٢ / ٤٩٩ حوادث سنة ٥١ هـ ]. ( المؤلف )
(٣) الحجرات : ٦.
(٤) الأغاني : ١٦ / ١١ [ ١٧ / ١٥٨ ] ، الاستيعاب : ١ / ١٣٤ [ القسم الأول / ٣٣٠ رقم ٤٨٧ ] ، أُسد الغابة : ١ / ٣٨٦ [ ١ / ٤٦٢ رقم ١٠٩٣ ] ، تاريخ ابن كثير : ٨ / ٥٥ [ ٨ / ٦٠ حوادث سنة ٥١ هـ ].
( المؤلف )
(٥) الإسراء : ٣٣.
(٦) النساء : ٩٢ ـ ٩٣.