حتى يقدر لها التيقظ والانتصار بقوم يتدبرون. والزهد طبيعي للبشر في مبادي الأمور النافعة. وفي ١٦٩٠ أواخر القرن السابع عشر مسيحي فكر دوني بباDenis Papa الفرنساوي واهتدى إلى قيمة قوة البخار من قدر طبخ رفع البخار غطاءه ، فجد في صنع آلات السير بالبخار. وكان من جملة المهاجرين إلى ألمانيا عند اضطهاد البروتستانت في فرانسا وجلائهم عنها زمن لويس ١٤ ، وهنالك سير في أول القرن الثامن عشر ١٧٠٧ مركبا بخاريا في نهر بألمانيا غير أنه لم يمت حتى رأى ثمرة اكتشافه مدمرة. وكثيرا ما تمتد أيدي التهاون إلى العبث على وجه الاحتقار أو الحسد أو لأسباب أخرى بالنتايج المهمة التي بذل فيها المفكرون والعاملون المجهودات العظيمة بدون احترام لأعمال الغير ولا تبصر لقيمة المصنوع والمقول بقطع النظر عن الصانع والقايل. وفي أول القرن التاسع عشر حسن روباير فولطن الأمريكي المتوفى سنة ١٨١٩ فعل البخار وعرض عمله على نابليون الأول فزهد فيه فصار إلى أمريكا وصنع فلكا بخاريا فسخر منه قومه وامتنعوا من الركوب فيه. فكان هو يسخر منهم أيضا كما يسخرون. ويقال إنه لما ركب في فلكه أول رجل وقبض منه الأجرة بكى وقال له اسمح لي يا سيدي فإن هذا أول كسب استفدته من إجهاد فكري وعملي منذ أمد طويل. وبعد أن عرفت قيمة البخار ذاع صيت صانعه وحصل على الثروة وجميل الشكر وانجر من ذلك لأمته أيضا المال وحسن الذكر. وسافرت أول سفينة بأميريكا من نيويورك في عام ١٨٠٦ أو ١٨٠٧ تسمى كليرمون وأول سفينة استخدمها الإنكليز في اسكوتلاندا سنة ١٨١٢ تسمى كومت Comte.
فبفضل البخار قربت أطراف البحار وهان ركوبها ، وبعد أن كان السفر إلى أمريكا في مدة شهر أصبح في نحو أسبوع ، وكان السير فيما بين مرسيليا وباريز نحو أسبوعين في رحلة المنعم سيدي أحمد باي إلى فرانسا ، فقام الآن مقام اليوم من تلك الأيام أقل من ساعة واحدة. وبقدر ما زهد نابليون الأول في البخار اعتنى به نابليون الثالث حيث كان يحضر تجارب العمل في ذلك بنفسه ، وسافر على سفينة الفخر عام ١٢٦٠ إلى الجزاير ، وهي من اختراع دوبوي دولوم الفرنساوي عام ١٨٥٠ ثم انتشرت هاته الاختراعات في أمريكا وأنكلترا.