لينفقها المجروح عند انقطاعه |
|
ويشتري الأكفان منها قتيلها |
وبعد أن رأيت جلوس تلك الجموع على حجارة درج البناء الروماني تحت أديم السماء وهو تذكار جميل لأدوار البساطة ، وشاهدت الألعاب الموروثة من الأمم الساذجة ورواجها حتى في عصور الرقي الفكري ، وقد ألمعت إلى شيء من هذا في رواية بل خرافة الفارس الأبيض بالأبرا ، وعاينت تغلب الذكاء البشري والعلم من الإنسان الضعيف على توحش الحيوان القوي المسلح بالخناجر المركوزة برأسه المتين خرجت وأنا أنشد :
فدع المشوق إليه أول مرة |
|
ولك الأمان بأنه لا يرجع |
نجدة السكان من قديم الزمان
سكان أروبا عموما وفرانسا خصوصا من قديم على ما يقتضيه الإنصاف أهل منعة وبسالة وبمكان من إباية الضيم ، فانظر لأحوالهم حتى في أدوارهم الأولى وتاريخهم القديم وهم في شظف من العيش وبساطة من لوازم الحياة وبعد عن المعارف ، ومع ذلك فقد دافعوا الدول القوية وطاردوا الأمم الراقية وذبوا عن أوطانهم وأبوا نزول الأجنبي بها وواقعة شارل مارتيل مع عبد الرحمان الغافقي في أراضي بواتيي من فرانسا الغربية الجنوبية وتسمى تلك الواقعة ببلاط الشهداء عام ١١٤ ه تنبئك عن بسالة القوم ودفاعهم عن تراب وطنهم ، ولذلك قال موسى بن نصير في حقهم حديثا مع سليمان بن عبد الملك في موفى المائة الأولى من الهجرة عند ما قال له أخبرني عن الإفرنج : هنالك العدد والعدة ، والجلد والشدة ، والباس والنجدة. وكذلك خرج العرب من جنوب فرانسا وجنوب إيطاليا وجزائر البحر الأبيض مثل صقلية ومالطة وكرسكة وغيرها ، رغما عن طول أمد الاحتلال في مثل جزيرة صقلية التي دامت سلطة الإسلام فيها نحو مائتين وسبعين عاما. وأكبر من هذا برهانا على ما قررناه