هذا العالم؟ قرروا أنه بكثرة الشرب للخمور تتفشى أمراض أخرى حتى تكثر العجز في الأمة ولا يجدون مالا ولا مقدرة على العمل.
ذكر ابن ناجي أن رجلا كافرا التزم دفع مال للمخزن يؤديه كل يوم أو في العام على أن يبيع الخمر بالقيروان ، فخرج له الأمر بذلك ، فعمد إلى دار بالحومة المسماة الآن بالنباذية ، سميت بذلك لبيع الخمر بها ، وكان يؤتى له به في البحر من صقلية إلى سوسة ، ثم يوتى به في البر للقيروان. وكتب شيوخنا إلى السلطان بتونس في ابتداء الأمر فأبى أن يقضي فيه لهم حاجة وسد الباب في وجوههم ، وقال هذه تونس وفيها الصالحون ، يعمل هذا فيها ، فأتى الشيخ إبراهيم بن عبد السلام المسراتي المتوفى عام ٧٠٤ إلى قبالة تلك الدار وجلس هناك في الزقاق ، ويقال إنه كان يعمل الميعاد «حلقة الدرس» هناك وأكثر الملازمة لذلك ليلا ونهارا ، فكان كل من يريد دخولها لشربه أو لشرائه من الناس يجد الشيخ ومن معه من أصحابه هناك فيستحيي أن يدخل وهم ينظرون إليه فيرجع ، فتعطل الدخول عنده لما ذكر.
والآن الدكتور صانتشي السويسري في تلك الحومة نفسها بالقيروان يجمع المجالس وينشر فكر التباعد عن الخمور التي حجرت بالجهات القبلية من المملكة ، وظهر أخيرا منعها أيضا في المغرب الأقصى وذلك من حسنات الحكومة واعتنائها بمصالح وصحة بني الإنسان. في أثناء طبع هذا الكتاب حجر قائد جيش الاحتلال الجنرال فيران بيع غالب أنواع الخمور إلى المسلمين وشربها مدة أيام عيد الفطر ١٣٣٢ فكتب العبد بيتين نشرتهما جريدة الزهرة بعددها ١٩٥٤ وشطرهما كثير من أهل الأدب والعلم ، وهما :
يا قائد الجيش المصون ومن سما |
|
بالسيف والرأي المدبر للحمى |
حرمت مسموم الخمور بموسم |
|
فاجعل بحقك كل عصرك موسما |
فأصدر هذا القائد المنع لمدة الحرب الأروباوية التي شاركت فيها المملكة التونسية.
فنظمت أبياتا ٤ من البحر والقافية التزمت فيها الاكتفاء ، وهي تتضمن الثناء على