يخلق البتة وقت الخطاب ، ثم خلق شكلا مباينا لسائر الأشكال ذوات الأنياب ، فيندرج فيه ، ويحكم بالنهي عنه. وإنما تمثيل الزمخشري بالإيمان ، فللإيمان أحكام منوطة بها ، ويؤول التحقيق فيها إلى أن ذلك تخصيص للعموم بإرادة خروج بعض الأفراد منه.
و (الْمَيْتَةَ) : ما مات دون ذكاة مما له نفس سائلة. واختلف في السمك الطافي ، وهو ما مات في الماء فطفا. فذهب مالك وغيره أنه حلال. ومذهب العراقيين أنه ممنوع من أكله.
وفي كلام بعض الحنفيين عن أبي حنيفة أنه مكروه. وأما ما مات من الجراد بغير تسبب ، فهو عند مالك وجمهور أصحابه أنه حرام ، وعند ابن عبد الحكم وابن نافع حلال ، وعند ابن القاسم وابن وهب وأشهب وسحنون تقييدات في الجراد ذكرت في كتب المالكية. هذا حكم الميتة بالنسبة إلى الأكل. وأما الانتفاع بشيء منها ، نحو : الجلد ، والشعر ، والريش ، واللبن ، والبيض ، والإنفحة ، والجنين ، والدهن ، والعظم ، والقرن ، والناب ، والغصب ، فذلك مذكور في كتب الفقه ، ولهم في ذلك اختلاف وتقييد كثير يوقف على ذلك في تصانيفهم.
والدم : ظاهره العموم ، ويتخصص بالمسفوح لآية الأنعام. فإذا كان مسفوحا ، فلا خلاف في نجاسته وتحريمه. وفي دم السمك المزايل له في مذهب مالك قولان : أحدهما : أنه طاهر ، ويقتضي ذلك أنه غير محرم. وأجمعوا على جواز أكل الدم المتحلل بالعروق واللحم الشاق إخراجه ، وكذلك الكبد والطحال. وذكر المفسرون في يسير الدم المسفوح الخلاف في العفو عنه ، وفي مقدار اليسير ، والخلاف في دم البراغيث والبق والذباب ، وهذا كله من علم الفقه ، فيطالع في كتب الفقه. ولم يذكر الله تعالى حكمة في تحريم أكل الميتة والدم ، ولا جاء نص عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك. ولو تعبدنا تعالى بجواز أكل الميتة والدم ، لكان ذلك شرعا يجب اتباعه. وقد ذكروا أن الحكمة في تحريم الميتة جمود الدم فيها بالموت ، وأنه يحدث أذى للآكل. وفي تحريم الدم أنه بعد خروجه يجمد ، فهو في الأذى كالجامد في الميتة ، وهذا ليس بشيء ، لأن الحس يكذب ذلك. وجدنا من يأكل الميتة ، ويشرب الدم من الأمم ، صورهم وسحنهم من أحسن ما يرى وأجمله ، ولا يحدث لهم أذى بذلك.
(وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) : ظاهره أن المحرم منه هو لحمه فقط. وقد ذهب إلى ذلك داود ، رأس الظاهرية ، فقال : المحرم اللحم دون الشحم. وقال غيره من سائر العلماء : المحرم لحمه وسائر أجزائه. وإنما خص اللحم بالذكر ، والمراد جميع أجزائه ، لكون اللحم هو