أي : إلى كليب ، وقيل : هو معطوف على الضمير في قوله : وكفر به ، أي : وبالمسجد الحرام ، قاله الفراء ، ورد بأن هذا لا يجوز إلّا بإعادة الجار ، وذلك على مذهب البصريين.
ونقول : العطف المضمر المجرور فيه مذاهب :
أحدها : أنه لا يجوز إلّا بإعادة الجار إلّا في الضرورة ، فإنه يجوز بغير إعادة الجار فيها ، وهذا مذهب جمهور البصريين.
الثاني : أنه يجوز ذلك في الكلام ، وهو مذهب الكوفيين ، ويونس ، وأبي الحسن ، والأستاذ أبي علي الشلوبين.
الثالث : أنه يجوز ذلك في الكلام إن أكد الضمير ، وإلّا لم يجز في الكلام ، نحو : مررت بك نفسك وزيد ، وهذا مذهب الجرمي.
والذي نختاره أنه يجوز ذلك في الكلام مطلقا ، لأن السماع يعضده ، والقياس يقويه. أما السماع فما روي من قول العرب : ما فيها غيره وفرسه ، بجر الفرس عطفا على الضمير في غيره ، والتقدير : ما فيها غيره وغير فرسه ، والقراءة الثانية في السبعة : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) (١) أي : وبالأرحام ، وتأويلها على غير العطف على الضمير ، مما يخرج الكلام عن الفصاحة ، فلا يلتفت إلى التأويل. قرأها كذلك ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والنخعي ، ويحيى بن وثاب ، والأعمش ، وأبي رزين ، وحمزة.
ومن ادعى اللحن فيها أو الغلط على حمزة فقد كذب ، وقد ورد من ذلك في أشعار العرب كثير يخرج عن أن يجعل ذلك ضرورة ، فمنه قول الشاعر :
نعلق في مثل السواري سيوفنا |
|
فما بينها والأرض غوط نفانف |
وقال آخر :
هلا سألت بذي الجماجم عنهم |
|
وأبي نعيم ذي اللواء المحرق |
وقال آخر :
بنا أبدا لا غيرنا يدرك المنى |
|
وتكشف غماء الخطوب الفوادح |
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١.