وقال آخر :
إذا أوقدوا نارا لحرب عدوهم |
|
فقد خاب من يصلى بها وسعيرها |
وقال آخر :
لو كان لي وزهير ثالث وردت |
|
من الحمام عدانا شر مورود |
وقال رجل من طيء :
إذا بنا ، بل أنيسان ، اتّقت فئة |
|
ظلت مؤمنة ممن تعاديها |
وقال العباس بن مرداس :
أكر على الكتيبة لا أبالي |
|
أحتفي كان فيها أم سواها |
وأنشد سيبويه رحمهالله :
فاليوم قد بت تهجونا وتشمتنا |
|
فاذهب فما بك والأيام من عجب |
وقال آخر :
أبك آية بي أو مصدّر |
|
من حمر الجلة جأب جسور |
فأنت ترى هذا السماع وكثرته ، وتصرّف العرب في حرف العطف ، فتارة عطفت بالواو ، وتارة بأو ، وتارة ببل ، وتارة بأم ، وتارة بلا ، وكل هذا التصرف يدل على الجواز ، وإن كان الأكثر أن يعاد الجار كقوله ، تعالى : (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) (١) (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) (٢) (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) (٣) وقد خرج على العطف بغير إعادة الجار قوله : (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) (٤) عطفا على قوله : (لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) (٥) أي : ولمن. وقوله : (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ) (٦) عطفا على الضمير في قوله : فيهنّ ، أي : وفيما يتلى عليكم.
وأما القياس فهو أنه كما يجوز أن يبدل منه ويؤكد من غير إعادة جار ، كذلك يجوز أن يعطف عليه من غير إعادة جار ، ومن احتج للمنع بأن الضمير كالتنوين ، فكان ينبغي أن لا يجوز العطف عليه إلّا مع الإعادة لأن التنوين لا يعطف عليه بوجه ، وإذا
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ٢٢.
(٢) سورة فصلت : ٤١ / ١١.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ٦٤.
(٤ ، ٥) سورة الحجر : ١٥ / ٢٠.
(٦) سورة النساء : ٤ / ١٢٧.