وابن سيرين ، والحسن ، وابن المسيب ، وقتادة ، وطاووس ، ومجاهد ، ومعاوية بن صالح : كل شيء فيه قمار من نرد وشطرنج وغيره فهو ميسر ، حتى لعب الصبيان بالكعاب والجوز إلا ما أبيح من الرهان في الخيل ، والقرعة في إبراز الحقوق. وقال مالك : الميسر ميسران : ميسر اللهو فمنه : النرد والشطرنج والملاهي كلها ، وميسر القمار : وهو ما يتخاطر الناس عليه ، وقال على الشطرنج : ميسر العجم ، وقال القاسم ، كل شيء ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر.
(قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ). أنزل في الخمر أربع آيات. (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ) (١) بمكة ثم هذه الآية ، ثم (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) (٢) ثم (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) (٣) قال القفال : ووقع التحريم على هذا الترتيب ، لأنه تعالى علم أن القوم كانوا ألفوا شربها والانتفاع بها كثيرا ، فجاء التحريم بهذا التدريج ، رفقا منه تعالى. انتهى ملخصا.
وقال الربيع : نزلت هذه الآية بعد تحريم الخمر ، واختلف المفسرون : هل تدل هذه الآية على تحريم الخمر والميسر أم لا تدل؟ والظاهر أنها تدل على ذلك ، والمعنى : قل في تعاطيهما إثم كبير ، أي : حصول إثم كبير ، فقد صار تعاطيهما من الكبائر ، وقد قال تعالى : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ) (٤) فما كان إثما ، أو اشتمل على الإثم ، فهو حرام ، والإثم هو الذنب ، وإذا كان الذنب كثيرا أو كبيرا في ارتكاب شيء لم يجز ارتكابه ، وكيف يقدم على ذلك مع التصريح بالخسران إذا كان الإثم أكبر من النفع؟ وقال الحسن : ما فيه الإثم محرم ، ولما كان في شربها الإثم سميت إثما في قول الشاعر :
شربت الإثم حتى زل عقلي |
|
كذاك الإثم يذهب بالعقول |
ومن قال : لا تدل على التحريم ، استدل بقوله : ومنافع للناس ، والمحرم لا يكون فيه منفعة ، ولأنها لو دلت على التحريم لقنع الصحابة بها ، وهم لم يقنعوا حتى نزلت آية المائدة ، وآية التحريم في الصلاة ، وأجيب بأن المحرم قد يكون فيه منفعة عاجلة في
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٦٧.
(٢) سورة النساء : ٤ / ٤٣.
(٣) سورة المائدة : ٥ / ٩٠.
(٤) سورة الأعراف : ٧ / ٣٣.