الدنيا ، وبأن بعض الصحابة سأل أن ينزل التحريم بالأمر الواضح الذي لا يلتبس على أحد ، فيكون آكد في التحريم.
وظاهر الآية الإخبار بأن فيهما إثما كبيرا. ومنافع حالة الجواب وزمانه ، وقال ابن عباس ، والربيع : الإثم فيهما بعد التحريم ، والمنفعة فيهما قبل التحريم ، فعلى هذا يكون الإثم في وقت ، والمنفعة في وقت ، والظاهر أنه إخبار عن الحال ، والإثم الذي فيهما هو الذنب الذي يترتب عليه العقاب ، وقالت طائفة : الإثم الذي في الخمر : ذهاب العقل ، والسباب ، والافتراء ، والتعدّي الذي يكون من شاربها ، والمنفعة التي في الخمر ، قال الأكثرون : ما يحصل منها من الأرباح والاكساب ، وهو معنى قول مجاهد : وقيل ما ذكر الأطباء في منافعها من ذهاب الهم ، وحصول الفرح ، وهضم الطعام ، وتقوية الضعيف ، والإعانة على الباءة ، وتسخية البخيل ، وتصفية اللون ، وتشجيع الجبان ، وغير ذلك من منافعها. وقد صنفوا في ذلك مقالات وكتبا ، ويسمونها : الشراب الريحاني ، وقد ذكروا أيضا لها مضار كثيرة من جهة الطب.
والمنفعة التي في الميسر إيسار القامر بغير كدّ ولا تعب ، وقيل : التوسعة على المحاويج ، فإن من قمر منهم كان لا يأكل من الجزور ، ويفرقه على الفقراء. وذكر المفسرون هنا حكم ما أسكر كثيره من غير الخمر العنبية ، وحدّ الشارب ، وكيفية الضرب ، وما يتوقى من المضروب فلا يضرب عليه ، ولم تتعرض الآية لشيء من ذلك ، وهو مذكور في علم الفقه.
وقرأ حمزة ، والكسائي : إثم كثير ، بالثاء ، ووصف الإثم بالكثرة إما باعتبار الآثمين ، فكأنه قيل : فيه للناس آثام ، أي لكل واحد من متعاطيها إثم ، أو باعتبار ما يترتب على شربها من توالي العقاب وتضعيفه ، فناسب أن ينعت بالكثرة ، أو باعتبار ما يترتب على شربها مما يصدر من شاربها من الأفعال والأقوال المحرمة ، أو باعتبار من زوالها من لدن كانت إلى أن بيعت وشريت ، فقد لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخمر ، ولعن معها عشرة : بائعها ، ومبتاعها ، والمشتراة له ، وعاصرها ، ومعتصرها ، والمعصورة له وساقيها ، وشاربها ، وحاملها ، والمحمولة له ، وآكل ثمنها. فناسب وصف الإثم بالكثرة بهذا الاعتبار. وقرأ الباقون : كبير ، بالباء ، وذلك ظاهر ، لأن شرب الخمر والقمار ذنبهما من الكبائر ، وقد ذكر بعض الناس ترجيحا لكل قراءة من هاتين القراءتين على الأخرى ، وهذا