وقال ابن عباس : إن التابوت والعصا في بحيرة طبرية يخرجان قبل يوم القيامة ، وقيل : عند نزول عيسى على نبينا وعليهالسلام.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) قيل : الإشارة إلى التابوت ، والأحسن أن يعود على الإتيان أي : إتيان التابوت على الوصف المذكور ليناسب أول الآية آخرها ، لأن أولها (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) والمعنى لآية لكم على ملكه واختياره لكم ، وقيل : علامة لكم على نصركم على عدوّكم ، لأنهم كانوا يستنصرون بالتابوت أينما توجهوا ، فينصرون.
و : إن ، قيل على حالها من وضعها للشرط. أي : ذلك آية لكم على تقدير إيمانكم لأنهم قيل : صاروا كفرة بإنكارهم على نبيهم. وقيل : إن كان من شأنكم وهممكم الإيمان بما تقوم به الحجة عليكم ، وقيل : إن كنتم مصدّقين بأن الله قد جعل لكم طالوت ملكا. وقيل : مصدّقين بأن وعد الله حق. وقيل : إن ، بمعنى : إذ ، ولم يسألوا تكذيبا لنبيهم ، وإنما سألوا تعرفا لوجه الحكمة ، والسؤال عن الكيفية لا يكون إنكارا كليا.
(فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ) بين هذه الجملة والجملة قبلها محذوف تقديره : فجاءهم التابوت ، وأقروا له بالملك ، وتأهبوا للخروج ، فلما فصل طالوت ، أي : انفصل من مكان إقامته ، يقال : فصل عن الموضع انفصل ، وجاوزه. قيل : وأصله فصل نفسه ، ثم كثر ، فحذف المفعول حتى صار في حكم غير المتعدّي : كانفصل ، والباء في ، بالجنود ، للحال ، أي : والجنود مصاحبوه ، وكان عددهم سبعين ألفا ، قاله ابن عباس. أو ثمانين ألفا قاله عكرمة. أو مائة ألف ، قاله مقاتل. أو ثلاثين ألفا.
قال عكرمة : لما رأى بنو إسرائيل التابوت سارعوا إلى طاعته والخروج معه ، فقال لهم طالوت : لا يخرج معي من بنى بناء لم يفرغ منه ، ولا من تزوّج امرأة لم يدخل بها ، ولا صاحب زرع لم يحصده ، ولا صاحب تجارة لم يرحل بها ، ولا من له أو عليه دين ، ولا كبير ، ولا عليل. فخرج معه من تقدّم الاختلاف في عددهم على شرطه ، فسار بهم ، فشكوا قلة الماء وخوف العطش ، وكان الوقت قيظا ، وسلكوا مفازة ، فسألوا الله أن يجري لهم نهرا.
(قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) قال وهب : هو الذي اقترحوه. وقال ابن عباس ، وقتادة : هو نهر بين الأردن وفلسطين. وقيل : نهر فلسطين ، قاله السدّي ، وابن عباس ، أيضا.