وفائدة تكرار : لا ، في قوله : ولا نوم ، انتفاؤهما على كل حال ، إذ لو أسقطت ، لا : لا ، احتمل انتفاؤهما بقيد الاجتماع ، تقول : ما قام زيد وعمرو ، بل أحدهما ، ولا يقال : ما قام زيد ولا عمرو ، بل أحدهما.
وتقدّم قول من جعل هذه الجملة خبرا لقوله : الحي ، على أن يكون : الحي ، مبتدأ ، ويجوز أن يكون خبرا عن الله ، فيكون قد أخبره بعده إخبارا ، على مذهب من يجيز ذلك ، وجوّز أبو البقاء أن تكون الجملة في موضع الحال من الضمير المستكن في القيوم ، أي : قيوم بأمر الخلق غير غافل.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) يصح أن يكون خبرا بعد خبر ، ويصح أن يكون استئناف خبر ، كما يصح ذلك في الجملة التي قبلها. و : ما ، للعموم تشمل كل موجود ، و : اللام ، للملك أخبر تعالى أن مظروف السموات والأرض ملك له تعالى ، وكرر : ما ، للتوكيد. وكان ذكر المظروف هنا دون ذكر الظرف ، لأن المقصود نفي الإلهية عن غير الله تعالى ، وأنه لا ينبغي أن يعبد غيره ، لأن ما عبد من دون الله من الأجرام النيرة التي في السموات : كالشمس ، والقمر ، والشعرى ؛ والأشخاص الأرضية : كالأصنام ، وبعض بني آدم ، كل منهم ملك لله تعالى ، مربوب مخلوق.
وتقدّم أنه تعالى خالق السموات والأرض ، فلم يذكرهما كونه مالكا لهما استغناء بما تقدّم.
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) كان المشركون يزعمون أن الأصنام تشفع لهم عند الله ، وكانوا يقولون : إنما نعبدهم ليقرّبونا إلى الله زلفى. وفي هذه الآية أعظم دليل على ملكوت الله ، وعظم كبريائه ، بحيث لا يمكن أن يقدم أحد على الشفاعة عنده إلّا بإذن منه تعالى ، كما قال تعالى : (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) (١) ودلت الآية على وجود الشفاعة بإذنه تعالى ، والإذن هنا معناه الأمر ، كما ورد : اشفع تشفع ، أو العلم أو التمكين إن شفع أحد بلا أمر.
و : من ، رفع على الابتداء ، وهو استفهام في معنى النفي ، ولذلك دخلت : إلّا ، في قوله : إلا بإذنه ، وخبر المبتدأ قالوا : ذا ، ويكون : الذي ، نعتا لذا ، أو بدلا منه ، وعلى هذا
__________________
(١) سورة النبأ : ٧٨ / ٣٨.