المآثم خير ، أي : أخف على البدن من صدقة يتبعها أذى. وقيل : المغفرة الاقتصار على القول الحسن ، وقيل : المغفرة أن يسأل الله الغفران لتقصير في عطاء وسدّ خلة ، وقيل : المغفرة هنا ستر خلة المحتاج ، وسوء حاله. قاله ابن جرير ، وقيل ، لأعرابي سأل بكلام فصيح ، ممن الرجل؟ فقال اللهم غفرا سوء الاكتساب يمنع من الانتساب ، وقيل : أن يستر على السائل سؤاله وبذل وجهه له ولا يفضحه ، وقيل : معناه السلامة من المعصية ، وقيل : القول المعروف أن تحث غيرك على إعطائه. وهذا كله على أن يكون الخطاب مع المسئول لأن الخطاب في الآية قبل هذا ، وفي الآية بعد هذا ، إنما هو مع المتصدّق ، وقيل : الخطاب للسائل ، وهو حث له على إجمال الطلب ، أي يقول قولا حسنا من تعريض بالسؤال أو إظهار للغنى حيث لا ضرورة ، ويكسب خير من مثال صدقة يتبعها أذى ، واشترك القول المعروف والمغفرة مع الصدقة التي يتبعها أذى في مطلق الخيرية ، وهو : النفع ، وإن اختلفت جهة النفع ، فنفع القول المعروف والمغفرة باق ، ونفع تلك الصدقة فان ، ويحتمل أن يكون الخيرية هنا من باب قولهم : شيء خير من لا شيء. وقال الشاعر :
ومنعك للندى بجميل قول |
|
أحب إليّ من بذل ومنّه |
وقال آخر فأجاد :
إن لم تكن ورق يوما أجود بها |
|
للمعتفين فإني لين العود |
لا يعدم السائلون الخير من خلقي |
|
إما نوالي وإما حسن مردود |
وارتفاع : قول ، على أنه مبتدأ ، وسوغ الابتداء بالنكرة وصفها ، ومغفرة معطوف على المبتدأ ، فهو مبتدأ ومسوغ جواز الابتداء به وصف محذوف أي : ومغفرة من المسئول ، أو : من السائل. أو : من الله ، على اختلاف الأقوال. و : خير ، خبر عنهما.
وقال المهدوي وغيره : هما جملتان ، وخبر : قول ، محذوف ، التقدير : قول معروف أولى ومغفرة خير. قال ابن عطية : وفي هذا ذهاب ترويق المعنى ، وإنما يكون المقدّر كالظاهر. انتهى. وما قاله حسن ، وجوز أن يكون : قول معروف ، خبر مبتدأ محذوف تقديره : المأمور به قول معروف ، ولم يحتج إلى ذكر المن في قوله : يتبعها ، لأن الأذى يشمل المن وغيره كما قلنا.
(وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) أي غني عن الصدقة ، حليم بتأخر العقوبة ، وقيل : غني لا حاجة به إلى منفق يمن ويؤذي ، حليم عن معاجلة العقوبة. وهذا سخط منه ووعيد.