والمستقرض ، والتثنية تقتضي أن لا ينفرد أحد المتعاملين لأن يتهم في الكتابة ، فإذا كانت واقعة بينهما كان كل واحد منهما مطلعا على ما سطره الكاتب.
ومعنى : بالعدل ، أي : بالحق والإنصاف بحيث لا يكون في قلبه ولا في قلمه ميل لأحدهما على الآخر.
واختلف فيما يتعلق به : بالعدل ، فقال الزمخشري : بالعدل ، متعلق بكاتب صفة له ، أي : بكاتب مأمون على ما يكتب ، يكتب بالسوية والاحتياط ، لا يزيد على ما يجب أن يكتب ، ولا ينقص. وفيه أن يكون الكاتب فقيها عالما بالشروط ، حتى يجيء مكتوبه معدّلا بالشرع ، وهو أمر للمتداينين بتخير الكاتب ، وأن لا يستكتبوا إلّا فقيها دينا.
وقال ابن عطية : والباء متعلقة بقوله تعالى : وليكتب ، وليست متعلقة بكاتب ، لأنه كان يلزم أن لا يكتب وثيقة إلّا العدل في نفسه ، وقد يكتبها الصبي والعبد والمتحوط إذا أقاموا فقهها ، أما أن المنتخبين لكتبها لا يجوز للولاة أن يتركوهم إلّا عدولا مرضيين ، وقيل : الباء زائدة ، أي فليكتب بينكم كاتب العدل.
وقال القفال في معنى (بِالْعَدْلِ) : أن يكون ما يكتبه متفقا عليه بين أهل العلم ، لا يرفع إلى قاض فيجد سبيلا إلى إبطاله بألفاظ لا يتسع فيها التأويل ، فيحتاج الحاكم إلى التوقف.
وقرأ الحسن : وليكتب ، بكسر لام الأمر ، والكسر الأصل.
(وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ) نهى الكاتب عن الامتناع من الكتابة. و : كاتب ، نكرة في سياق النهي ، فتعم. وأن يكتب مفعول : ولا يأب ، ومعنى : كما علمه الله ، أي : مثل ما علمه الله من كتابة الوثائق ، لا يبدّل ولا يغير ، وفي ذلك حث على بذل جهده في مراعاة شروطه مما قد لا يعرفه المستكتب ، وفيه تنبيه على المنة بتعليم الله إياه.
وقيل : المعنى كما أمره الله به من الحق ، فيكون : علم ، بمعنى : أعلم ، وقيل : المعنى كما فضله الله بالكتاب ، فتكون الكاف للتعليل ، أي : لأجل ما فضله الله ، فيكون كقوله (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) (١) أي : لأجل إحسان الله إليك. والظاهر تعلق الكاف بقوله : أن يكتب ، وقيل : تم الكلام عند قوله : أن يكتب ، وتتعلق الكاف بقوله :
__________________
(١) سورة القصص : ٢٨ / ٧٧.