وقد أجاب بعض المحققين عن هذا بأن ما جرى هنا ما هو إلا نظير إضافة الرسول «صلى الله عليه وآله» الركعتين الأخيرتين في الرباعية من الصلاة اليومية ؛ ونظير التكليف بعدم الفرار من الزحف ، مع أنه علم أن فيكم ضعفا ، ونظير الرفث إلى النساء ليلة الصيام ، فقد نسخت حرمته بعد وقوع المخالفات منهم ؛ قال تعالى : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ)(١).
ونقول :
إن ما ذكره ـ حفظه الله ـ لا يكفي لدفع ما ذكرناه ، أما بالنسبة لتشريع الركعتين الأخيرتين في الرباعية من قبله «صلى الله عليه وآله» ؛ فإن الله سبحانه قد فوض له ذلك حينما يعلم «صلى الله عليه وآله» بتحقق مصلحته ومقتضيه في متن الواقع.
وأما بالنسبة لقوله تعالى : (عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً)(٢) و (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ)(٣) فهو تحقق معلوم الله سبحانه في الخارج ، أي أن الحكم السابق ، وهو حرمة الفرار بملاحظة قلة العدد ، وحرمة الرفث قد استمر وبقي إلى أن تجسد الضعف وحصل وحصلت الخيانة وتغير الموضوع ، فنسخ الحكم الأول ، وهو حرمة الرفث وحرمة الفرار ، وليس المراد أن الله قد علم ذلك بعد جهله ، والعياذ بالله.
__________________
(١) الآية ١٨٧ من سورة البقرة.
(٢) الآية ٦٦ من سورة الأنفال.
(٣) الآية ١٨٧ من سورة البقرة.