أما السيد المرتضى ، فقد أجاب «رحمه الله» عن التساؤل الذي طرحناه فيما سبق بنحو آخر ، وهو : أن من الممكن أن تكون المصلحة أولا تقتضي الخمسين ، ثم تغيرت هذه المصلحة بسبب المراجعة ، وأصبحت تقتضي الخمس (١).
ولكنه جواب منظور فيه ؛ فإن النبي إذا كان يعلم : أن الله تعالى لا يشرع إلا وفق المصلحة ، فإنه لا يبقى مجال لمراجعته أصلا ؛ لأنه كأنه حينئذ يطلب تشريعا لا يوافق المصلحة.
ولو صحت المراجعة هنا ، وأوجبت تبدل المصلحة صحت في كل مورد ، وأوجبت ذلك أيضا ، فلماذا كانت هنا ، ولم تكن في سائر الموارد؟.
كما أن تعليل موسى للتخفيف بعدم طاقة الأمة ، كأنه يدل على أنه يعتقد : أن هذا التشريع يخالف المصلحة ، وهذا محال بالنسبة إلى الله تعالى ، ولا يمكن صدوره لا من موسى «عليه السلام» ولا من نبينا «صلى الله عليه وآله».
قال صاحب المعالم : «المطالبة بصحة الرواية ، مع أن فيها طعنا على الأنبياء بالإقدام على المراجعة في الأوامر المطلقة ..» (٢).
وسؤال آخر : كيف لم يعلم الله تعالى : أن الأمة لا تطيق ذلك ، وعلم بذلك موسى؟.
وسؤال آخر ، وهو : ما المراد بعدم الإطاقة؟
__________________
(١) تنزيه الأنبياء ص ١٢١.
(٢) معالم الدين ص ٢٠٨ مبحث النسخ.