هل المراد بها عدم الإطاقة عقلا؟
فيرد عليه : أنه لا يمكن القول بجواز التكليف بما لا يطاق.
أو المراد به ما كان في مستوى العسر والحرج ، المنفي في الشرع الإسلامي ، كما دلت عليه الروايات والآيات ولا سيما قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(١) و (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٢) وغير ذلك من الآيات.
ومما ذكرناه يتضح : أنه لا يمكن أن يكون تعالى قد كلف بني إسرائيل ما لا يطيقون.
وأما قوله تعالى : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا)(٣).
فهو لا يدل على ذلك لعطف قوله : (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ)(٤) عليه ؛ فيدل على أن المراد بالإصر هو ما يطاق ، لا ما لا يطاق ، ويمكن أن يكون المراد بالإصر : جزاء السيئات الثقيل والشاق ، أو المبادرة بعذاب الاستيصال.
وأما طلبهم أن لا يحمّلهم ما لا طاقة لهم به ، فليس المراد أنه يحمّلهم ذلك في التكليف الابتدائي ، لأن العقل لا يجيز ذلك ، بل المراد ما لا طاقة
__________________
(١) الآية ١٨٥ من سورة البقرة.
(٢) الآية ٧٨ من سورة الحج.
(٣) الآية ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٤) الآية ٢٨٦ من سورة البقرة.