الحفاظ على جنودها ، وليس ذلك نفاقا ، ولا انهزاما ، لأن هؤلاء المخلصين الذين يراد الحفاظ عليهم هم دائما على استعداد للبذل والعطاء :
أن الإمام الحسين «عليه السلام» الساكت في زمان معاوية هو نفسه الحسين الثائر على يزيد ، تحت شعار :
إن كان دين محمد لم يستقم |
|
إلا بقتلي يا سيوف خذيني |
فسكوته هناك كان حفاظا على الدين والحق ؛ تماما كما كانت ثورته هنا حفاظا على الحق والدين ، وقد تكلمنا على هذه النقطة في حلف الفضول.
ولأجل ذلك نجد : أنه إذا توقف الحفاظ على الحق على الفداء والتضحية ؛ فإن الإسلام يأمر به ، ولا يتسامح مع من يمتنع عنه.
وأيضا ، فلو كان في الإسلام جفاف وقسوة ؛ فربما يبعث ذلك الكثيرين على التخلي عنه ، أو بالأحرى على عدم الإقدام عليه.
ولسوف يأتي في إسلام وحشي وغيره : أن البعض كان يسلم ؛ لأنه يعرف أن محمدا لا يقتل أصحابه.
فمرونة الإسلام هذه هي التي أعطته قوة الدفع هذه ، ومكنته من أن يشق طريقه رغم كل التحديات الكبيرة ، والمصاعب الخطيرة ، التي واجهته عبر التاريخ.
وواضح : أن مرونة الإسلام هذه لا يجوز أن تفسر على أنها نوع من التساهل في الأحكام ؛ ليهون على البعض اعتناق الإسلام ، بل هي من قبيل الحفاظ على الإسلام والمسلمين ، حيث لا ضرر على المبدأ والرسالة ، وحيث يكون في عدم التقية هدر للطاقات والإمكانات ، حيث لا جدوى من هدرها.