وليكن ذلك هو الفرق بين التقية وبين النفاق الذي يحلو للبعض أن ينبز به ـ ظلما وعدوانا ـ من يعتقد بمشروعية التقية.
وقد رأينا : أنه «صلى الله عليه وآله» ، حينما جاءته بعض القبائل وهي قبيلة ثقيف ، وطلبوا منه أن يعطيهم فرصة لعبادة أصنامهم ، وأن لا يفرض عليهم الصلاة لأنها صعبة عليهم ، وأن لا يكسروا صنمهم بيدهم ، نرى أنه «صلى الله عليه وآله» قبل بهذا الأخير ، ورفض الأولين (١).
كما أنهم قد طلبوا منه أن يسمح لهم بالزنى ، وشرب الخمر ، والربا ، وترك الصلاة (٢).
نعم فرفض ذلك ، ولم يأخذ بنظر الاعتبار أن هذه قبيلة تريد أن تسلم ،
__________________
(١) تاريخ الخميس : ج ٢ ص ١٣٥ ، والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية) : ج ٣ ص ١١ ، والكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٢٨٤ ، والسيرة النبوية لابن كثير : ج ٤ ص ٥٥ ، والسيرة النبوية لابن هشام : ج ٤ ص ١٨٤ و ١٨٥ ، والبداية والنهاية : ج ٥ ص ٣٠ ، والمواهب اللدنية : ج ١ ص ٢٣٦.
وبهذا يلاحظ : أن عمر بن الخطاب لم يكن موفقا حين أصر على الاقتصاص من جبلة بن الأيهم الذي دخل في الإسلام جديدا ، وكان ملكا في قومه ، ولم يتعرف بعد بعمق على عظمة وخصائص الإسلام ومميزاته الفريدة ، إذ قد كان عليه أن يراعي الموقف ، ويحل المشكلة بأسلوب مرن آخر.
(٢) السير النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية) : ج ٣ ص ١١ ، والمواهب اللدنية : ج ١ ص ٢٣٦ ، وتاريخ الخميس : ج ٢ ص ١٣٥ و ١٣٦ و ١٣٧. وراجع بالنسبة لترك الصلاة المصادر التالية : الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٢٨٤ ، وكذا في السيرة النبوية لابن هشام : ج ٤ ص ١٨٥ ، والسيرة النبوية لابن كثير : ج ٤ ص ٥٦ ، والبداية والنهاية : ج ٥ ص ٣٠.