أم أنه كان سقيم الذهن ـ والعياذ بالله ـ إلى هذا الحد؟!
كما أن علينا أن نتساءل عن سبب مجيء جبرئيل إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» في المساء؟ ولماذا عرض عليه النبي «صلى الله عليه وآله» السورة؟
ثم ، أليست هذه الرواية تناقض تماما قوله تعالى في سورة النجم نفسها ، وبالذات في أول السورة بعد القسم : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)؟! (١) فها هو في نفس السورة ينطق عن الهوى ، بل هو يردد ما يلقيه إليه الشيطان على أنه آيات قرآنية إلهية.
مع أن الله تعالى يقول : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ)(٢) فها هو يتقول عليه ولا يفعل به شيئا (٣).
وإذا كانت هذه الآية قد نزلت بعد سورة النجم ، فإن ذلك لا يضر ما دامت الآية تعطي قاعدة كلية ، ولا تشير إلى قضية خارجية خاصة.
٢ ـ وأما آية التمني ، فهي في سورة الحج ، التي هي مدنية بالاتفاق ، ولا سيما وأنه قد ورد فيها الأمر بالأذان في الناس بالحج والأمر بالقتال ، والأمر بالجهاد ، وذكر فيها الصد عن المسجد الحرام ، وكل ذلك إنما كان بعد الهجرة ، وبعضه بعدها بعدة سنوات.
__________________
(١) الآيتان ٣ و ٤ من سورة النجم.
(٢) الآيات ٤٤ و ٤٥ و ٤٦ من سورة الحاقة.
(٣) هذا إن لم نقل إن الآية ناظرة إلى صورة تعمد الكذب على الله ، لأنه عبر بالتقول ، الذي هو تعمد القول.