من ذلك في كتب التاريخ ، وحتى لو قبلنا أن المراد بالتمني هو التلاوة ، فإن من الممكن أن يكون معناه ما قاله المرتضى «رحمه الله» ، وهو : أنه إذا تلا النبي على قومه الآيات حرفوها ، وزادوا ونقصوا فيها ، كما فعلت اليهود بالكذب على نبيهم فإضافة ذلك إلى الشيطان إنما هو لأنه هو الموسوس لهم بذلك ثم يدحض الله ذلك ويزيله بظهور حجته (١).
٣ ـ وأما بالنسبة لآيات سورة الإسراء التي يقولون : إنها نزلت في هذه المناسبة ، وهي قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ ..)(٢) فإنها تناقض وتنافي هذه القضية فكيف تكون قد نزلت من أجلها؟!
وذلك لأن هذه الآيات تقول : إنه «صلى الله عليه وآله» لم يركن إليهم ، بل لم يقرب إلى الركون إليهم ، وأن الله قد ثبته ، وأنه لو ركن لعوقب ، وقضية الغرانيق تقول : إنه قد زاد على الركون ، فاستجاب ، وافترى ، وأدخل في القرآن ما ليس منه.
ومعنى الآية : أن المشركين قد أصروا على أن يتركهم وشأنهم ، وتفاوضوا معه ، ومع أبي طالب كثيرا ، فلربما يكون النبي «صلى الله عليه وآله» قد فكر في أن يمهلهم قليلا ، لعلهم يفكرون ويرجعون ؛ فجاءت الآية لتقول له : إن الصلاح في عدم الإمهال ، بل في الشدة ، هذا كله.
عدا عن أنهم يقولون : إن آيات سورة الإسراء قد نزلت في ثقيف ،
__________________
(١) تنزيه الأنبياء ص ١٠٧ وص ١٠٨.
(٢) الآية ٧٣ من سورة الإسراء.