خامسا : لقد نزلت آية الإنذار : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ، وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(١) قبل سورة عبس بسنتين فهل نسي «صلى الله عليه وآله» : أنه مأمور بخفض الجناح لمن اتبعه؟
وإذا كان نسي ، فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضا ، وإذا لم يكن قد نسي ، فلماذا يتعمد أن يعصي هذا الأمر الصريح؟! (٢).
سادسا : إنه ليس في الآية ما يدل على أنها خطاب للنبي «صلى الله عليه وآله» ، بل الله سبحانه يخبر عن رجل مّا أنه : (عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) ثم التفت الله تعالى بالخطاب إلى ذلك العابس نفسه ، وخاطبه بقوله : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) أي بحضوره مجلس النبي «صلى الله عليه وآله» وسماعه لما يدور فيه الخ ..
سابعا : لقد ذكر العلامة الطباطبائي : أن الملاك في التفضيل وعدمه ليس هو الغنى والفقر ، وإنما هو الأعمال الصالحة ، والسجايا الحسنة ، والفضائل الرفيعة.
وهذا حكم عقلي وجاء به الدين الحنيف ، فكيف جاز له «صلى الله عليه وآله» أن يخالف ذلك ، ويميز الكافر لما له من وجاهة على المؤمن؟ (٣).
والقول : بأنه إنما فعل ذلك لأنه يرجو إسلامه ، وعلى أمل أن يتقوى به الدين ، وهذا أمر حسن ، لأنه في طريق الدين ، وفي سبيله ، لا يصح ، لأنه
__________________
(١) الآيتان ٢١٤ و ٢١٥ من سورة الشعراء.
(٢) الميزان ج ٢٠ ص ٣٠٣.
(٣) راجع : الميزان ج ٢٠ ص ٣٠٤.