مع هذه الأعبد فإذا جئناك فأقمهم عنا ، قال : نعم.
قالا : فاكتب لنا عليك كتابا ؛ فدعا بالصحيفة ، ودعا عليا ليكتب ، فنزل قوله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ..)(١) فرمى «صلى الله عليه وآله» بالصحيفة ، ودعاهم وجلس معهم ، وصار دأبه هذا : أن يجلس معهم ، فإذا أراد أن يقوم قام وتركهم فأنزل الله تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ ..)(٢).
فكان يجلس معهم إلى أن يقوموا عنه وفي بعض الروايات : إنهم يقصدون أبا ذر وسلمان (٣).
ويردّ هذه الأباطيل جميع ما تقدم حين الكلام عن قصة ابن أم مكتوم ، ولذلك فلا حاجة إلى الإعادة ، وأيضا فقد استفاض : أن سورة الأنعام قد نزلت دفعة واحدة في مكة (٤) ، فما معنى أن تكون هذه الآيات قد نزلت بهذه المناسبة في المدينة؟!.
والقول بأن نزولها كذلك لا ينافي كون هذه الآيات نزلت بهذه المناسبة ،
__________________
(١) الآية ٥٢ من سورة الأنعام.
(٢) الآية ٢٨ من سورة الكهف.
(٣) حلية الأولياء ج ١ ص ١٤٦ ـ ٣٤٥ ، وراجع مجمع البيان ج ٣٠٥٣٠٦٤. والبداية والنهاية ج ٦ ص ٥٦ وعن كنز العمال ج ١ ص ٢٤٥ وج ٧ ص ٤٦ عن ابن أبي شيبة وابن عساكر. والدر المنثور في تفسير الآيات المشار إليها. عن العديد من المصادر.
(٤) راجع الميزان ج ٧ ص ١١٠.