مرفوض لأنها قد نزلت دفعة واحدة قبل الهجرة ، بعد إسلام الأنصار ، لأنها نزلت وأسماء بنت يزيد الأنصارية آخذة بزمام ناقة النبي «صلى الله عليه وآله» (١) والآية نزلت في المدينة على الفرض.
على أن قصة عبس وتولى وحدها كافية لأن يرتدع النبي «صلى الله عليه وآله» عن أمر كهذا ، ولا سيما إذا كانت تؤنب غيره «صلى الله عليه وآله» ، ممن هو ليس بمعصوم على فعل كهذا.
ثم إن سلمان إنما أسلم في المدينة ، كما أن أبا ذر قد فارق النبي «صلى الله عليه وآله» فور إسلامه ، وأقام بعسفان على طريق قوافل مكة ، كما قدمنا.
والظاهر هو أنهم أصروا على النبي «صلى الله عليه وآله» أن يبعد الفقراء عنه ، حتى توسطوا لدى أبي طالب في ذلك ، وأشار عليه عمر بقبول ذلك كما جاء في بعض الروايات ، فجاءت هذه الآيات في ضمن سورة الأنعام بمثابة رد عليهم ، وتفنيد لرأيهم.
وليس في الآيات ما يدل على قبوله «صلى الله عليه وآله» بذلك ، كما تدعيه الروايات المزعومة آنفا.
ولم نتوسع في بيان وجوه الاختلاف بين الروايات ، ونقاط الضعف فيها ، والرد على هذه المزاعم ، اعتمادا على ما ذكرناه في قضية ابن أم مكتوم المتقدمة.
بل إن ظاهر الآية الأولى : أن طرد الذين يدعون ربهم .. قد كان عقابا لهم على أمر صدر منهم ، وذلك بقرينة قوله تعالى فيها : (ما عَلَيْكَ مِنْ
__________________
(١) الدر المنثور ج ٣ ص ٢٢.