ورسالته.
أي أنه «صلى الله عليه وآله» لم يتأثر على أبي طالب وخديجة ؛ لأن هذه زوجته وذاك عمه.
وإلا فقد كان أبو لهب عمه أيضا ، وإنما لما لمسه فيهما من قوة إيمان ، وصلابة في الدين ، وتضحيات وتفان في سبيل الله ، والعقيدة ، وفي سبيل المستضعفين في الأرض ولما خسرته الأمة فيهما ، من جهاد وإخلاص قلّ نظيره في تلك الظروف الصعبة والمصيرية.
وقد ألمح النبي «صلى الله عليه وآله» إلى ذلك حينما جعل موت أبي طالب وخديجة مصيبة للأمة بأسرها ، كما هو صريح قوله في هذه المناسبة : «.. اجتمعت على هذه الأمة مصيبتان ، لا أدري بأيهما أنا أشد جزعا» (١).
نعم ، وذلك هو الأصل الإسلامي الأصيل ، الذي قرره الله تعالى بقوله : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ..)(٢) وهل ثمة محادة لله ولرسوله أعظم من الشرك ، الذي عبر الله عنه بقوله : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(٣) و (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ ..)؟! (٤).
والآيات والروايات التي تؤكد على الحب في الله والبغض في الله كثيرة
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣٥ ط صادر.
(٢) الآية ٢٢ من سورة المجادلة.
(٣) الآية ١٣ من سورة لقمان.
(٤) الآية ٤٨ من سورة النساء.