ه : إن سرعة تحرك جيش بهذه الكثافة إلى بلد يبعد عنه مسيرة أيام كثيرة وثقته بنفسه ، واطمئنانه إلى عدم جرأة أحد على العبث بالأمن في بلده من بعده ، ليدل على مدى ثقة هذا الجيش بنفسه وبقدراته ، وعلى أنه قادر على تسديد ضربته لكل من تسول له نفسه أن يتآمر أو يشارك في التآمر ضده ، وعليه أن يحسب ألف حساب قبل أن يقدم على التحالف مع أعدائه ومناوئيه.
وإذا كان المسلمون أقوياء ، فلسوف تتشوف نفوس الكثيرين للتحالف معهم ، والوقوف إلى جانبهم ، والعيش في كنفهم.
ولا أقل من أنهم سوف يسعون لإقامة علاقات طبيعية معهم. أما التحالف مع الأعداء ، ومشاركتهم في مناوأة المسلمين ، فإنه يصبح أكثر صعوبة خصوصا من القبائل التي لا تتوفر لديها أعداد ضخمة وكافية لحماية نفسها من قوة لها هذا النشاط ، وبهذا الحجم والمستوى.
وهذا من شأنه أن يضعف أمر قريش ، ويقلل من الفرص المتاحة لجمع الحشود ، وتحزيب الأحزاب لمواجهة المد الإسلامي العارم.
و: إن النبي «صلىاللهعليهوآله» والمسلمين وهم يحاولون أن يقللوا من الخسائر البشرية ما أمكنهم ، فإنهم يعتمدون طريقة الضغط السياسي والروحي ، على الخصم ، وكذلك إضعافه اقتصاديا بصورة رئيسية باستيلائهم على مواشيهم وأموالهم ، الأمر الذي يضعف مقاومتهم ، وقدرتهم على تنظيم المؤامرات ، وبذل الأموال لتجييش الجيوش لحرب المسلمين.
وليس ذلك لأجل حب السلب والنهب ، وجمع الأموال ، والشاهد على ذلك : أننا نجده «صلىاللهعليهوآله» يجعل فداء أسير من أسرى المشركين