بالله جميعا : لا يخذل بعضنا بعضا ، ولتكونن كلمتنا واحدة على هذا الرجل ، ما بقي منا رجل.
ففعلوا ، فتحالفوا على ذلك ، وتعاقدوا.
ثم قالت قريش بعضها لبعض : قد جاءكم رؤساء أهل يثرب وأهل العلم والكتاب الأول ، فسلوهم عما نحن عليه ومحمد : أينا أهدى؟!
قالت قريش : نعم.
فقال أبو سفيان : يا معشر اليهود ، أنتم أهل الكتاب الأول والعلم ، أخبرونا عما أصبحنا فيه نحن ومحمد ، ديننا خير أم دين محمد؟! فنحن عمّار البيت ، وننحر الكوم (أي الناقة عالية السنام) ، ونسقي الحجيج ، ونعبد الأصنام.
قالوا : اللهم أنتم أولى بالحق ، إنكم لتعظمون هذا البيت وتقومون على السقاية ، وتنحرون البدن (١) ، وتعبدون ما كان عليه آباؤكم ، فأنتم أولى بالحق منه. فأنزل الله في ذلك : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) (٢). فاتّعدوا لوقت وقتوه.
وفي نص آخر : «فلما قالوا ذلك لقريش نشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وأجمعوا لذلك واتّعدوا له».
فقال صفوان بن أمية : يا معشر قريش ، إنكم قد وعدتم هؤلاء القوم لهذا الوقت وفارقوكم عليه ، ففوا لهم به! لا يكون هذا كما كان وعدنا محمدا
__________________
(١) الآية ٥١ من سورة النساء.
(٢) البدن : النياق والأبقار التي كانت تسمّن لتنحر لدى البيت الحرام.