ويدل على ذلك : قول قيس بن سعد للنعمان بن بشير : إنه لم يكن مع معاوية غيره وغير صويحبه مسلمة بن مخلد (١) كما سيأتي. فلو كان أبو الأعور صحابيا لم يصح قول قيس هذا. فيظهر أن الراوي ، أو الناسخ قد أسقط كلمة (أبا) الأولى ، إما اشتباها أو سهوا ، أو لحاجة في نفسه قضاها.
والذي نخشاه هو : أن يكون هذا الإسقاط قد جاء لخدمة هدف سياسي من نوع ما ، كأن يكون هو دعوى أن أبا الأعور قد لقي النبي «صلىاللهعليهوآله» ورآه ، وذلك بهدف الإيحاء بصحة دعوى كون أبي الأعور من الصحابة ، وذلك تدعيما لموقف معاوية بتكثير عدد الصحابة معه ، وإيجاد شبهات حول بغيه على إمام زمانه.
ولكن مراجعة كتب الرجال والتراجم توجب المزيد من الشك والريب في هذا الأمر ، فقد قال العسقلاني : «قال ابن أبي حاتم ، عن أبيه : أدرك الجاهلية ، ولا صحبة له وحديثه مرسل ، وتبعه أبو أحمد العسكري. وذكره البخاري في من اسمه عمر. ولكن لم يذكره في الصحابة ..».
إلى أن قال : «وقال ابن حبان في ثقات التابعين : يقال له صحبة» (٢) ونقل ابن منظور عن ابن عساكر قوله :
«يقال : له صحبة. ويقال : لا صحبة له» (٣).
__________________
(١) صفين للمنقري ص ٤٤٩.
(٢) الإصابة في تمييز الصحابة ج ٢ ص ٥٤٠ وج ٤ ص ٩ وراجع : أسد الغابة ج ٤ ص ١٠٩ وج ٥ ص ١٣٨ والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج ٤ ص ١٤.
(٣) مختصر تاريخ دمشق ج ١٣ ص ٢١٨.