فهم يقررون للمشركين أن الشرك أهدى من التوحيد وأن دعوى الجاهلية خير من الهدي الإلهي.
هذا كله عدا عن استخدامهم المال أيضا كوسيلة لتحريك بعض الفئات لحرب محمد «صلىاللهعليهوآله» ومن معه.
وإذا صحت الرواية التي تقول : إن أبا سفيان قد طلب من اليهود أن يسجدوا للأصنام ، لأن قريشا خافت من مكرهم ، فاستجاب اليهود وسجدوا للأوثان ، وكذلك فعل كعب بن الأشرف ومن معه ، حين جاؤوا في مرة سبقت حرب الخندق لتحريض المشركين على حرب محمد ـ إذا صح ذلك ـ فإن الأمر يصبح في غاية الوضوح :
١ ـ حيث يكون اليهود قد أسقطوا عن وجوههم جميع الأقنعة ، وتجاوزوا كل حد ، وكل الأرقام القياسية في سحق المثل والقيم ، والمبادئ الأخلاقية والإنسانية وأثبتوا أنهم وصوليون بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
والغريب في الأمر : أننا نجدهم يعتمدون على الإيمان والمواثيق لإحكام أمرهم مع المشركين ، وللحصول على الحد الأدنى من الاطمئنان والوثوق ببعضهم البعض ، رغم أنهم قد مارسوا ـ عمليا ـ أساليب من شأنها أن تنسف كل عوامل الثقة ولو بمستواها الأضعف والأدنى.
وإلا ، فهل يمكن أن يكون المشركون قد وثقوا باليهود لمجرد أنهم قد رأوهم يسجدون للأوثان؟!
وهل اعتقد المشركون : أن اليهود قد تركوا يهوديتهم ، ودخلوا في الشرك؟!
وإذا كانت الإجابة بالنفي ، فما معنى وثوقهم بأيمانهم ومواثيقهم؟! وما معنى اطمينانهم إلى عدم مكرهم بهم ، وخديعتهم لهم؟!