المشكلة الحياتية التي يعانون منها ، رغم أنهم كانوا يختلفون معه «صلىاللهعليهوآله» ، من جهة أنهم كانوا على شركهم وضلالهم. ففعل «صلىاللهعليهوآله» ذلك من دون أي مقابل ، ودون أن يسجل لنفسه أي امتياز.
وقد عرف عن العرب : أنهم يعتزون ببعض المعاني التي يرون فيها شيئا من القيمة ، مثل : حسن الجوار ، وحفظه ، والوفاء بالعهد ، ومقابلة الإحسان بمثله ، ويعتبرون ذلك هو الرصيد الذي يؤهلهم لاحتلال مواقع إجتماعية متميزة ، حتى إذا ما تبين لهم أن أحدا لا يملك شيئا من هذا الرصيد ، فإنه يبوء بذل العمر ، وعار الدهر ، وهو عندهم ساقط ومرذول ، أو هكذا زعموا.
ولكن الأمور عند هؤلاء الناس قد انعكست الآن ، حيث أصبح العداء للإسلام ولنبي الإسلام هو العمل الصالح عندهم الذي يبيح لهم كل محرم ، وتتهاوى وتسقط معه كل قيمهم ومثلهم ، التي يعتزون بها ، ويعطون الأوسمة والامتيازات من خلالها وعلى أساسها.
فنقض العهود ، وخفر الجوار ، والإساءة لمن أحسن ، وكل خزي وعار لم يعد مهما عندهم إذا كان ذلك في قبال محمد «صلىاللهعليهوآله» وضد الإسلام والمسلمين. بل إن هذه المخازي قد أصبحت أوسمة لهم ، ومن دواعي تأكيد شخصيتهم ، وبسط هيمنتهم بزعمهم.
وإلا ، فكيف نفسر احتفاظ عيينة بن حصن ، وكثيرين من أمثاله ، بمواقعهم الاجتماعية ، وهم قد أثبتوا أكثر من مرة أنهم لا يملكون شيئا من هذه المعاني التي قبلها العرب ، وتبنوها ، وتغنوا وافتخروا بها.
وقبل أن نخلص إلى نهاية القول ، نقول : إن من الطبيعي للإنسان الذي يحتفظ بميزاته وخصائصه الإنسانية أن يشعر بالامتنان تجاه من يحسن إليه ،