وشاورهم «صلىاللهعليهوآله» ـ وكان يكثر من مشاورتهم في الحرب ـ فقال : أنبرز لهم من المدينة؟ أم نكون فيها ونخندقها علينا؟ أم نكون قريبا ونجعل ظهورنا إلى الجبل؟! فاختلفوا.
[زاد المقريزي قوله : وكان سلمان الفارسي يرى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يهم بالمقام بالمدينة (١) ويريد أن يتركهم حتى يردوا ثم يحاربهم على المدينة وفي طرقها فأشار بالخندق].
فقال سلمان : يا رسول الله! إنا إذ كنا بأرض فارس ، وتخوفنا الخيل خندقنا علينا ، فهل لك يا رسول الله أن نخندق؟!
فأعجب رأي سلمان المسلمين ، وأحبوا الثبات في المدينة.
فركب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فرسا له ، ومعه نفر من أصحابه من المهاجرين ، والأنصار ، فارتاد موضعا ينزله ، فكان أعجب المنازل إليه : أن يجعل سلعا ـ جبل معروف بسوق المدينة ـ خلف ظهره ويخندق على المذاد ، إلى ذباب ، إلى راتج.
فعمل يومئذ الخندق. وندب الناس ، وخبرهم بدنو عدوهم ، وعسكرهم إلى سفح سلع (٢).
واختصر ذلك المفيد وابن شهر آشوب ، فقالا : «فلما سمع النبي «صلى
__________________
(١) لا ندري من أين فهموا : أنه كان يرى ذلك ، ولو كان حقا يرى ذلك فلا ندري من أين فهموا أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كان يهم بالمقام في المدينة؟!.
(٢) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٤٤ والإمتاع ج ١ ص ٢١٩ و ٢٢١ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١١ وألمح إلى ذلك في : الثقات ج ١ ص ٢٦٥ و ٢٦٦ وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥١٤ و ٥١٥.