إمكان توفير مدخرات كافية لهذا العدد الهائل من الناس ، ولكل ما معهم من خيل وظهر كانوا بحاجة إليه في حربهم. فإن منطقة الحجاز لم تكن قادرة ـ بحكم طبيعة حياة الناس فيها ـ على توفير هذا النوع من القدرات والإمكانات بهذا المستوى الكبير والحجم الهائل ـ ولا أقل من أن المشركين لم يفكروا مسبقا بإيجاد خطوط تموين لحرب طويلة الأمد ، ولا خططوا أبدا لمثل هذه الحرب ، كما أنهم لم يعتادوا حروبا كهذه ولا ألفوها ، فمن الطبيعي ـ والحالة هذه ـ أن يملوا حربا كهذه ، وينصرفوا عنها.
٢ ـ إن هذا الخندق قد استطاع أن يحفظ لهم وجودهم وكرامتهم ، فلم يسجل عليهم عدوهم نصرا وقد كبت الله به عدوهم وردهم بغيظهم لم ينالوا شيئا مما كانوا يحلمون به ، دون أن يكلف ذلك المسلمين خسائر تذكر ، وحرم المشركين بذلك من إمكانية إشراك أعداد ضخمة في المواجهات مع المسلمين.
٣ ـ ثم وجد المسلمون أنفسهم بعد ذلك أمام فرص أكبر ، وحظ أوفر من ذي قبل ، واستمروا يواصلون جهدهم وجهادهم للحصول على المزيد من أسباب القوة ، والمنعة ، والعمل على إضعاف عدوهم وتقويض هذا التوافق فيما بين فئاته لصالح بقاء هذا الدين ، وترسيخ دعائمه وأركانه.
٤ ـ إنه «صلىاللهعليهوآله» قد جمع بين أن خندق على المدينة وبين جعل جبل سلع خلف ظهر المسلمين ـ كما سنرى ـ فيكون بذلك قد استفاد من الموانع الطبيعية ، ثم أحدث مانعا مصطنعا من الجهة الأخرى ، لتكتمل خطته بحرمان العدو من أية فرصة للنيل من صمود المسلمين ، أو إحداث أي إرباك ، أو تشويش ، أو خلخلة ، أو مناطق نفوذ وتسلل في صفوفهم.