ويوضح ذلك : أنه كانت توجد في الجهة الشرقية حرة واقم وفي الجهة الغربية حرة الوبرة ، وهي مناطق وعرة فيها صخور بركانية وتمثل حواجز طبيعية ، وكان في جهة الجنوب أشجار النخيل وغيرها بالإضافة إلى الأبنية المتشابكة ، وكل ذلك لا يتيح لجيش المشركين أن يقوم بنشاط فاعل وقوي ضد المسلمين.
وحيث إن بعض المواضع في جهتي الشرق والجنوب كان يمثل النقطة الأضعف من غيرها ، الأمر الذي يحمل معه احتمالات حدوث تسلل تكتيكي للعدو ، يهدف إلى إرباك الوضع العسكري والنفسي للمسلمين ، فقد كان لا بد من سد تلك الثغرة ، ورفع النقص ، وتفويت الفرصة على العدو ، حتى لا يضطر المسلمون لتوزيع قواهم وبعثرتها هنا وهناك بطريقة عشوائية ، أو من شأنها أن تضعف فيهم درجة الصمود والتصدي في ساحة الصراع الحاسم في ميدان الكر والفر الأول والأساس.
فكان أن بادر المسلمون إلى تشبيك المدينة بالبنيان وذلك في مواقع الضعف المشار إليها. وهذه الإجراءات كلها قد حالت دون استخدام قوات كبيرة في مهاجمة المدينة إلا من جهة الخندق ، وهي قد أصبحت مشلولة بسبب حفر الخندق تجاه العدو فيها.
غير أن هذا الذي ذكرناه : لا يعني أن يمر القادم من مكة على ثنية الوداع ، وهي الجهة الشمالية للمدينة. فإن طريق المسافرين ، الذين تضمهم في الغالب قوافل صغيرة محدودة العدد ، ليس كطريق الجيوش الضخمة التي تضم ألوفا كثيرة من الناس ومن وسائل النقل المختلفة ، حسبما ألمحنا إليه.