على النبي وعلى المسلمين معركة غير متكافئة من حيث العدد والعدة ، واختار هو التوقيت لحشد جيوشه وتحزيب أحزابه.
ولكنه بمجرد وصوله إلى المدينة : فقد زمام المبادرة ليصبح في يد النبي والمسلمين بصورة نهائية. فأصبح «صلىاللهعليهوآله» يتحكم بمسار الحرب ، وهو يفرض على عدوه الموقع الذي يريد ، في هذا المكان أو في ذاك ، ولا يملك عدوه أية وسيلة للتغيير في المواقع والمواضع فلا يمكنه أن يجر المسلمين إلى هذا الموقع أو إلى ذلك الموقع.
كما أنه «صلىاللهعليهوآله» أصبح يتحكم بالزمام والتوقيت للحرب ، ولا يستطيع عدوه أن يهاجمه في وقت لا يرغب هو بدخول الحرب فيه.
ثم إنه «صلىاللهعليهوآله» قد أصبح قادرا على اختيار الوسيلة الحربية التي تلائمه ، وتنسجم مع ظروفه وقد أسقط العتاد والعدة الحربية للعدو من الخيول وغيرها من الفاعلية المؤثرة وأصبحت عبئا على العدو ، لا بد أن يهيئ العدو لها ظروف بقائها وصيانتها من التلف في مصابرته على الحصار الطويل ، الذي كان يستنزف طاقته وصبره ، حتى انتهى الأمر به إلى هزيمة مخزية ، كما سيتضح.
وهذه هي ثمرة التخطيط الواعي والمسؤول ، وثمرة الإدراك الواعي للواقع وللظروف المحيطة ، التي كان لا بد من التعامل معها والتغلب على سلبياتها ، والاستفادة من إيجابياتها على النحو الأكمل والأفضل والأمثل.