ثم هي تمكن هؤلاء الضعفاء من أن يفيدوا من مناعة تلك الآطام للدفع عن أنفسهم بدلا من بيوت واهنة لا تساعد على حمايتهم ، ولا تدفع عنهم في شيء.
وبذلك لم يعد النساء والأطفال منتشرين على مساحات واسعة ، بصورة تجعلهم هدفا سهلا لكل عابث ، وعرضة لأطماع الأعداء والسفهاء ، الأمر الذي يوجب إرباكا نفسيا لدى القوى التي يفترض فيها أن تصب كل اهتماماتها على نقطة واحدة ، وواحدة فقط ، وهي دفع العدو ، وإبطال كيده ، وإلحاق الهزيمة المخزية به.
وقد يمكن للعدو ـ لو لم تجعل الذراري والنساء في الآطام ـ أن يستفيد من الوضع القائم ، فيعتدي أو يتظاهر بالاعتداء على المواقع المختلفة المنتشرة على مساحة المدينة بأكملها ، وذلك بهدف زعزعة حالة الاتحاد والانسجام لدى الجيش الإسلامي ، ليتمكن من إنزال ضربته القاصمة في الوقت المناسب.
وقد كان بنو قريظة يعرفون تفاصيل مسالك المدينة ، لأنهم من أهلها ، فقيامهم بأي تسلل إليها سوف يربك الوضع في ساحة القتال بصورة كبيرة وخطيرة.
وقد كان المسلمون يعرفون ذلك ، فكانوا يعيشون حالة القلق لو لا هذا الإجراء الذي اتخذه النبي «صلىاللهعليهوآله».
ومما زاد في الربط على القلوب ، وتهدئة المشاعر ، واستقرار الحالة النفسية : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد جعل حراسا يطوفون في المدينة ، حتى أصبح واضحا ليهود بني قريظة ولغيرهم : أن أي تحرك سوف ينتهي بنكسة