وضعا إستثنائيا ونشازا ، لا تساعد على استمراره عوامل طبيعية ومقبولة.
ثم إن هذا الشعار ، حين يبدأ بواحدة من مفردات الحروف المقطعة التي اختص بها القرآن ، فإنه يكون قد أوحى مسبقا لهذا الإنسان المؤمن بصدق هذا الوعد الإلهي ، الذي يتلفظ به هو نفسه ويطلقه شعارا له في هذا الوقت بالذات الذي يحتاج إليه عمليا. فهو شعار يتجه نحو الواقع ليتجسد حقيقة ملموسة له ، ويساهم هو في صنعها وفي بلورتها.
والأمر الملفت للنظر هنا : أن يكون هذا اليقين قد أيقظته في نفسه كلمة حم ، التي هي رمز التحدي الفكري كما تقدم في الجزء الثاني من هذا الكتاب مفصلا وقد اقترن هذا التحدي الفكري بالتحدي بالعنف والقتال ، كنتيجة طبيعية لعجز قوى الشرك ، وهزيمتها المخزية والنكراء في مجال الفكر والمثل والقيم.
وأما بالنسبة للمشركين ، فالأمر سيكون على عكس ذلك تماما ، فإنهم حين يسمعون هذه الكلمة (حم ، لا ينصرون) لسوف يتمثلون حالة العجز والسقوط والهزيمة بكل أنحائها ، وبكل مجالاتها ، ولسوف تزرع هذه الكلمة اليأس والفشل في نفوسهم ، فإنها كانت رمز التحدي القرآني لهم ولكل من هو على شاكلتهم ، بالإضافة إلى إيحاءات أخرى ـ ألمحنا إليها فيما سبق ـ كانت إيجابية بالنسبة لقوى الإيمان ولسوف تكون معكوسة وسلبية بالنسبة لقوى الشرك والطغيان.
فليتأمل المتأمل فيما ذكرناه ، وليتدبره كيف يتحول إلى الضد من ذلك على قوى الشرك ، حتى لا نضطر إلى إعادة تفصيلية له.
غير أننا نلمّح هنا إلى نقطة واحدة نضيفها إلى ما سبق ، وهي : أن هذا