هو في غيرها ـ يعيش آلام الآخرين ، ويشاركهم الشعور بها. وقد كان والد جابر بن عبد الله قد استشهد في حرب أحد ، وأصبح جابر هو المسؤول عن الأسرة بعد أبيه ، وكان عليه أن يختار للزواج امرأة تستوعب وتتفهم الواقع الذي استجد نتيجة لذلك ، وتشاركه في معالجته بأحسن وجه وأتمه.
وقد ظهرت رقة حال جابر ، من الجهة المالية والمعيشية ، في أن الجمل الذي أعده لهذه الأسفار البعيدة والشاقة كان من الضعف بحيث أصبح في آخر الركب.
ولم يكن الرسول «صلىاللهعليهوآله» بالذي يغفل عن تفقد حال أصحابه ، والوقوف عليها عن كثب ليشاركهم حياتهم حلوها ومرها.
وها هو يجد جابرا على جمله الضعيف المكدود في آخر الركب.
٣ ـ إن من الملاحظ : أن الرسول «صلىاللهعليهوآله» كان يسير مع الناس ، وفي أواخرهم أحيانا ، فيعرف حال أصحابه في مسيرهم ذاك بصورة أتم وأوفى. ولم يكن ليقتصر على حملة الأخبار إليه «صلىاللهعليهوآله» ، فكان يندفع للتعرف على الأمور بنفسه ، ومن دون أي وسائط ، ربما تؤثر التوجهات السياسية والارتباطات الاجتماعية وغيرها على مستوى دقتهم ، واستيعابهم لسائر الخصوصيات التي يكون الوقوف عليها مفيدا بل وضروريا في كثير من الأحيان.
هذا كله : لو فرض أن هؤلاء النقلة على درجة من الحيطة الدينية والورع والصفاء ، والوفاء. وقد لا يكون الكثيرون منهم كذلك بالفعل.
٤ ـ قد لا حظنا : أن النبي الأكرم «صلىاللهعليهوآله» قد دخل مع جابر ـ بأسلوب رضي وسليم ـ إلى حياته الخاصة ، بل وإلى أعماقها ، فعرف