المؤمن القوي سموا ورسوخ قدم في الإيمان ، ويتثبت بها ضعيف الإيمان ، فيزداد بصيرة في الأمر ، وتسكن نفسه ، ويطمئن قلبه ، على قاعدة قوله تعالى : (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١).
وعلى قاعدة : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) (٢).
الثالث : ذلك القسم الذي ظهر فيه : أنه يتعامل فيه مع المخلوقات من موقع المدبر ، والراعي ، والحافظ لها ، من موقع أنها جزء من التركيبة العامة ، حيث لا بد من التعامل معها على هذا الأساس.
وهذا القسم الأخير هو الذي يعنينا البحث عنه هنا.
فنقول :
إن الله سبحانه قد أراد لهذا الإنسان أن يدخل إلى هذا الوجود ، ليقوم بدور هام فيه. وقد اختار الله له هذه الأرض ليتحرك عليها ، وينطلق فيها ومنها.
وكان عليه أن يستفيد مما خوله الله إياه من طاقات وإمكانات لإعمارها ، وبث الحياة فيها ، بل والهيمنة والتسلط على كل ما في هذا الكون ، وتسخيره ، والاستفادة مما أودعه الله فيه من طاقات وقدرات ، من خلال تفعيل نواميسه الطبيعية وإثارة دفائنه وكوامنه وتوظيفها في مجالات البناء الإيجابي ، والصحيح ، الذي يسهم في إسعاد هذا الإنسان ، وفي تكامله ،
__________________
(١) الآية ٢٦٠ من سورة البقرة.
(٢) الآية ١ من سورة الإسراء.