وإنما هو مجرد خطأ شخصي أعقبته حركة قتالية فريدة ، تجلت فيها كفاءات لا يمكن مواجهتها ، في أي زمان أو مكان ، ولا سيما من علي أمير المؤمنين «عليهالسلام» ، ثم بعض من لحقه من الصحابة الأخيار.
فلا معنى إذن : لابتهاج المشركين بحرب ، لو كانت تشبه حرب أحد ، فذلك يعني الدمار الكامل والشامل لهم.
وأما بالنسبة لحالة المسلمين ، التي تحدث عنها الواقدي ، فنحن لا نوافق المؤرخين ، ولا المحدثين على ما ذكروه من خوف شامل في المسلمين من مواجهة المشركين في بدر الموعد ؛ إذ لم يكن ثمة مبرر لذلك ، لا سيما بعد أن حقق المسلمون انتصارات رائعة ومثيرة على المشركين في بدر وأحد ، رغم خطأ الرماة الذي تسبب بحدوث كارثة.
ثم إنهم بجهود علي «عليهالسلام» تلافوا الخطأ وهزموا عدوهم.
هذا بالإضافة إلى انتصاراتهم على اليهود ، ثم تحركهم في المنطقة بصورة زادت من هيمنتهم ونفوذهم ، وجعلتهم أكثر قوة وشوكة وثقة بالمستقبل.
ولنا أن نتساءل : إذا كان المسلمون ارتعبوا حتى خاف النبي «صلىاللهعليهوآله» أن لا يخرج معه أحد ، فكيف ارتفع هذا الخوف عنهم ، حتى خرج من الشجعان معه ألف وخمس مئة رجل ، مع أن الذين خرجوا معه إلى أحد ؛ ليدافعوا عن بلدهم المدينة ، كانوا ألف رجل (رجع منهم ثلاث مئة مع ابن أبي) مع الإشارة إلى أن عدد المسلمين لم يكن يزيد عن الخارجين معه إلا يسيرا.
وهل يمكن أن يذكر لنا التاريخ اسم واحد من أولئك الذين تخلفوا عن الخروج خوفا وجبنا؟!