الزيغ من الحاقدين والموتورين ، وقد وقع هنا في هذا الخطأ بالذات ، حين صور لنا أن المشركين كانوا يعيشون أفراح التأهب لحرب بدر الموعد ، وكان المسلمون يعيشون الأتراح ، ويهيمن عليهم الرعب والخوف والجبن ، فهو يقول عن المشركين :
«وتهيأوا للخروج ، وأجلبوا. وكان هذا عندهم أعظم الأيام ، لأنهم رجعوا من أحد والدولة لهم ، طمعوا في بدر الموعد أيضا بمثل ذلك من الظفر» (١).
ويقول عن المسلمين : «فيقدم القادم على أصحاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فيراهم على تجهز ، فيقول : تركت أبا سفيان قد جمع الجموع ، وسار في العرب ليسير إليكم لموعدكم ، فيكره ذلك المسلمون ، ويهيبهم ذلك» (٢).
ونقول :
قد ذكرنا في بداية الحديث : أن المشركين لم ينتصروا في أحد ، بل انهزموا هزيمة نكراء.
وقد اتضح لديهم : أن ما جرى على المسلمين آنئذ لن يتكرر في المستقبل ، لأن ذلك إنما نشأ عن عدم الانضباطية لدى الرماة ، الذين كانوا يحرسون في الجبل ، ولم يكن بسبب ضعف في القدرات الحربية ، ولا لجبن في المقاتلين ، أو خور في عزائمهم ، ولا بسبب تفرق الأهواء ، ولا لأجل نقص في كفاءة القيادة.
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ١ ص ٣٨٤.
(٢) المغازي للواقدي ج ١ ص ٣٨٥.