وبهذا يختلف (الحبّ في الله) عن (حبّ النفس) الذي يقع في الدائرة المسموح بها إسلامياً.
فإن الثاني يقع دائماً محكوماً للاول ، فحبّ القوم والوطن أمر جائز ولم يمنع عنه الاسلام « في الدائرة المسموح بها شرعاً » إلّا أن هذا الحبّ لا يشكّل محوراً حاكماً في العلاقات الاجتماعية والتعلّقات القلبية ، ويكون محكوماً لضوابط (حبّ الله) و (الحبّ في الله).
فلا يجوز للانسان أن يمتدَّ مع حبّه لقومه ووطنه في كل مستلزمات هذا الحبّ وتوابعه ، من دون قيود. ولا يسمح للانسان أن يحبّ اعداء الله ورسوله من قومه ووطنه ، كما لا يجوز أن يبغض المؤمنين من غير قومه ووطنه ... فيجب عليه أن يحبّ المؤمنين من غير قومه ووطنه ، ويبغض ويحارب أعداء الله ورسوله من قومه وعشيرته ووطنه.
سئل علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام عن العصبية. فقال : « العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرىٰ الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين ، وليس من العصبية أن يحبّ الرجل قومه ولكن من العصبية أن يعين قومه علىٰ الظلم » (١).
وأما حبّ الاسلام والامة الاسلامية ، فإنه لما كان من مصاديق (الحبّ في الله) ، فإنه يمتدّ إلىٰ كل مستلزماته ومتطلباته ، فيجب علىٰ المؤمن أن يحبّ كل المسلمين من قومه ووطنه ، ومن غير قومه ووطنه ، ويحارب كل أعداء الله والمعتدين من قومه ووطنه ومن خارج قومه ووطنه.
فيكون الحبّ الاول من الحبّ المسموح به والمحكوم بضوابط الحبّ في الله
__________________
(١) اُصول الكافي ٢ : ٤٠٨. وبحار الأنوار ٧٣ : ٢٨٨.