الفلسفية ، مثل الجبر والاختيار ، والهدى والضلال ، والإمامة وعصمة الأنبياء ، والشفاعة والإحباط ، ومرتكب الكبيرة ، وحساب القبر .. وما الى ذلك ، كما خصصت لكل آية ـ في الغالب ـ فقرة بعنوان (اللغة) لتفسير بعض المفردات غير المألوفة المعروفة ، وأخرى بعنوان (الاعراب) لبيان الأحكام النحوية لكلمة مشكلة .. مع العلم بأن التفاسير الحديثة قد أغفلتها ، ولكني راعيت رغبة بعض القراء ، وان ندروا ؛ أما علم البديع والبيان ، والتنظيم والترصيف فقد تركته لكشاف الزمخشري ، والبحر المحيط للأندلسي الغرناطي ، وغيرهما ممن تعرضوا لذلك.
وبمناسبة الاشارة الى ان لغة التفسير تختلف باختلاف العصور أذكر كلمة لمحيي الدين ابن العربي في الجزء الرابع من الفتوحات المكية ، باب (حضرة الحكمة) قالها خلال حديثه عن تلاوة القرآن ، وهي تحمل أعمق المعاني ، وتتفق مع أحدث النظريات وأهمها ، أعني النظرية النسبية ل «انشتين» التي اعتبرت الزمان والمكان من الأبعاد المقوّمة للشيء ، قال ابن العربي : «... يتلو المحفوظ من القرآن فيجد في كل تلاوة معنى لم يجده في التلاوة الأولى ، مع ان الحروف المتلوة هي هي بعينها ، وانما الموطن والحال تجدّد ، ولا بد من تجدده ، فان زمان التلاوة الأولى غير زمان التلاوة الثانية» .. وقوله : لا بد من تجدده يدل على إيمانه وثقته بأن الشيء يتجدد ويتعدد بتجدد الزمن .. وصدق فيلسوف العصر «راسل» ، حيث قال : ان القدامى استنبطوا من اجتهادهم ومجرد أفكارهم نظريات أثبت العلم صدقها وانها الرأي العلمي الصائب بينما لم تكن في ايامهم أكثر من اجتهاد مقترح.
٣ ـ نظرت إلى الاسرائيليات التي جاءت في بعض التفاسير على انها خرافة وأساطير ، ولا شيء أصدق في الدلالة على كذبها وزيفها من نسبتها الى (إسرائيل).
وأيضا تجاهلت ما جاء من الروايات في أسباب التنزيل إلا قليلا منها ، لأن العلماء لم يمحصوا أسانيدها ، ويميزوا بين صحيحها وضعيفها ، كما فعلوا بروايات الأحكام ، حتى هذه قد تسامحوا في سند المستحب منها ، ولم يدققوا إلا في سند الواجب والحرام .. بل عقدوا بحثا مستقلا في كتب الأصول بعنوان التسامح بأدلة السنن والمستحبات.