القرآن هو نوع من الخديعة والشعوذة ، وتصوير الباطل بصورة الحق ، قال تعالى : (فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) ـ ٦٦ طه» .. (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ـ ١٠٢ البقرة». وعن الإمام الصادق ان السحر على أنواع ، منها خفة وسرعة ، ومنها احتيال ، لأن المحتالين قد جعلوا لكل صحة آفة ، ولكل عافية سقما ، ولكل معنى حيلة.
أما الكتابات والرقى والعزائم ، والنفث في العقد ، وما اليه مما قيل انها تحدث أثرا ملموسا ، كعقد الزوج عن زوجته ، أو غيرها ، بحيث يعجز عن وطئها ، وإلقاء المحبة والبغضاء بين اثنين ، واستخدام الملائكة والشياطين في كشف المغيبات ، وعلاج المصابين بالصرع ، أما هذه فقال الشهيد الثاني في المسالك باب التجارة :
ان أكثر علماء الامامية يعتقدون انها وهم وخيال لا أساس له من الصحة ، وان البعض منهم يراها حقيقة واقعة ، وهو من القائلين بحقيقتها.
وروى البخاري في الجزء الرابع من صحيحه «باب قصة إبليس وجنوده» ان النبي سحر ، حتى كان يخيل اليه انه يفعل الشيء ، وما يفعله .. وأنكر ذلك الجصاص أحد أئمة الحنفية في الجزء الأول من أحكام القرآن ص ٥٥ طبعة سنة ١٣٤٧ ه ، وأيضا أنكره الشيخ محمد عبده في تفسير سورة الفلق.
ونحن مع الذين لا يرون للسحر واقعا. قال الإمام الصادق : «السحر أعجز وأضعف من أن يغير خلق الله .. ولو قدر الساحر لدفع عن نفسه الهرم والآفة والأمراض ، ولنفى البياض عن رأسه ، والفقر من ساحته ، وان من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين ، ويجلب العداوة بين المتصافين».
ومهما يكن ، فقد اتفقت كلمة الامامية على ان عقاب الساحر القتل والاعدام ان كان مسلما ، والتأديب بما يراه الحاكم من الجلد والسجن ان كان غير مسلم (١).
__________________
(١) من أحب التفصيل في حكم السحر فليرجع إلى الجواهر باب التجارة وباب القصاص ، وإلى مكاسب الشيخ الانصاري. ومما قاله صاحب الجواهر : «وليس مطلق الأمر الغريب سحرا ، فان كثيرا من العلوم لها آثار عجيبة غريبة ، ويكفيك ما يصنعه الافرنج في هذه الازمنة من الغرائب». نحن الآن في سنة ١٩٦٧ م. وقد مضى على وفاة هذا المؤلف العظيم ١٢١ سنة ، ولو كان في هذا العصر لم ير شيئا عجبا ، لأن كل ما فيه عجيب ، وسيأتي عصر يكون حاضرنا بالقياس اليه ، كعصر الشيخ بالقياس إلى يومنا.