الماضي ، أو في زمن الخطاب ، أو منتظرة الحدوث .. ولكن المفسرين قالوا : انها اشارة الى حادثة خاصة ، ثم اختلفوا فيما بينهم : هل الحادثة المشار اليها قد وقعت قبل بعثة محمد (ص) ، أو بعد البعثة؟ ثم ان الفريق الذين قالوا : انها إخبار عن شيء وقع قبل البعثة اختلفوا فيما بينهم أيضا في تعيين ذاك الشيء الذي وقع ، فمنهم من قال : ان الآية تخبر عما وقع من تيطس الروماني ، إذ دخل بيت المقدس بعد موت المسيح بنحو سبعين سنة ، وخربها ، حتى لم يبق حجرا على حجر ، وهدم هيكل سليمان ، وأحرق بعض نسخ التوراة ، وكان المسيح قد أنذر اليهود بذلك ، وقيل : ان تيطس خرب بيت المقدس بتحريض المسيحيين انتقاما من اليهود.
ومن القائلين بأنها إخبار عما وقع قال : انها تخبر عما صنعه بخت نصر البابلي من تخريب بيت المقدس ، وجاء في تفسير صاحب المنار ما نصه بالحرف : «ومن الغريب ان ابن جرير الطبري قال في تفسيره : ان الآية تشير الى اتحاد المسيحيين مع بخت نصر البابلي على تخريب بيت المقدس ، مع ان حادثة بخت نصر كانت قبل وجود المسيح والمسيحية بستمائة وثلاث وثلاثين سنة» (١).
وأيضا من القائلين بأن الآية اخبار عما وقع من يرى : انها نزلت في مشركي قريش ، حيث منعوا النبي وأصحابه من دخول مكة في قصة عمرة الحديبية.
أما الذين قالوا : ان الآية إخبار عن أمر منتظر الوقوع فأيضا اختلفوا فيما بينهم ، فمنهم من قال : انها اشارة الى اغارة الصليبيين على بيت المقدس وغيره من بلاد المسلمين .. ومنهم من قال : انها اخبار عما حدث من القرامطة من هدم الكعبة ، ومنع الناس من الحج ، ثم قال هذا الفريق بكلا قسميه : ان هذه الآية من معجزات القرآن ، لأنها أخبرت عن الغيب.
هذا ملخص ما قاله المفسرون .. ونحن لا نعتمد شيئا منها ، حيث لا دليل
__________________
(١) وتشاء الصدف ان اقرأ هذه السقطة للطبري في نفس اليوم الذي قرأت عنه مقالا مطولا في ملحق جريدة الجمهورية المصرية تاريخ ٥ مايو ، أيار ، سنة ١٩٦٧ ، وقد جاء فيه : «والطبري بلا شك عميد مؤرخي الإسلام .. وكتابه رئيسي في التفسير». توفي الطبري سنة ٣١٠ ه أي منذ أكثر من الف وخمسين سنة ، وإذا كان هذا حال اسبق المؤرخين والمفسرين وأوثقهم ، فكيف يثق الإنسان بغيره؟ وعلى من يعتمد؟ ..